و الأسآر جمع سؤر (2). و كيف كان، فكلام أهل اللغة لا يخلو من إجمال، و إن كان الأظهر أنّه: بقيّة المشروب، بل مطلق المستعمل في الفم. إلّا أنّ الذي ينبغي البحث عنه هنا عدّة امور بتنقيحها يتمّ المطلوب:
الأوّل: المبحوث عنه هنا- من جهة الطهارة و الكراهة و غيرهما- إنّما هو مطلق المباشرة لجسم الحيوان بالفم و بغيره (3).
الثاني: أنّ ذلك مخصوص بالماء أو مطلق المائع؟ (4).
(1) و كأنّ جعله قسيماً للمطلق و المضاف لاختصاصه ببعض الأحكام كالمنع من سؤر ما لا يؤكل لحمه و نحوه، و إن كان لا يخلو من نظر، و الأمر سهل.
(2) و المراد به لغة: 1- الفضلة و البقيّة كما عن القاموس [1]. 2- أو «البقية بعد الشرب» كما عن الجوهري 2.
و يقرب منه ما نقله في الحدائق عن مجمع البحرين عن المغرب مع زيادة: «ثمّ استعير لبقية الطعام» [3] و مثله أيضاً ما عن المجمع عن الأزهري [4]. 3- و عن الفيّومي في المصباح المنير: «أنّ السؤر- بالهمزة- من الفأرة و غيرها كالريق من الإنسان» [5].
4- و في كشف اللثام: أنّه «في اللغة: البقية من كلّ شيء، أو ما يبقيه المتناول من الطعام و الشراب، أو من الماء خاصّة، و على كلّ حال، فالقلّة مفهومة أيضاً، فلا يقال على ما يبقى في النهر أو البئر أو الحياض الكبار إذا شرب منها» [6]. 5- و في المعتبر:
أنّه «بقية المشروب» 7. و أنت خبير أنّ ما ذكره الفيّومي: إمّا أن يكون معنى آخر، أو أنّه في الأصل لذلك، أو أنّ تسمية بقية المشروب سؤراً لما يمازجه من الريق بسبب الشرب. 6- و عن مجمع البحرين- بعد أن نقل عن النهاية أنّ سائر مهموز، و معناه الباقي؛ لأنّه اسم فاعل من السؤر، و هو ما يبقى بعد الشرب، و هذا ممّا يغلط فيه الناس، فيضعونه موضع الجميع- قال: «و قد يقال في تعريفه: ما يباشره جسم حيوان، و بمعناه رواية، و لعلّه اصطلاح، و عليه حُملت الأسآر كسؤر اليهودي و النصراني و غيرهما» 8.
(3) و به صرّح في السرائر و الذكرى [9]، و هو المنقول عن المهذّب للقاضي و الروض و المسالك [10] و غيرها. و عن المقنعة: «أنّ أسآر الكفّار هو ما فضل في الأواني ممّا شربوا منه، أو توضّئوا به، أو مسّوه بأيديهم و أجسادهم» [11].
(4) صرّح جملة منهم بالأوّل، و صرّح ابن إدريس بالثاني 12. و كأنّ وجه الأوّل: [كون] الكلام في المياه، و وجه الثاني:
تعميم الحكم من جهة الطهارة و النجاسة و غيرهما للجميع؛ و لعلّه لذا جعله المصنّف قسيماً للمطلق و المضاف.