و كذا الحكم فيما لو أصاب أحدهما شيئاً و غسله بالثاني ثمّ غسله بالأوّل، أو غسل شيئاً طاهراً بهما على وجه التكرار بحيث يرتفع اليقين بالنجاسة الحاصلة بملاقاة كلّ منهما مع اشتمال الغسل على شرائط التطهير (1).
[انكفاء أحد المشتبهين بالمضاف]:
4- و منها: أنّه لو انكفأ أحد الإناءين المشتبه أحدهما بالمضاف، فهل ينتقل فرضه إلى التيمّم أو يجب عليه الوضوء و التيمّم؟ الأقوى الثاني (2).
(1) إلّا أنّ التحقيق في الفرق بينهما [محلّ الكلام، و من تيقّن الحدث و الطهارة]: أنّه لا أصل و لا عموم يرجع إليه بالنسبة للحدث و الطهارة، فاتّجه وجوب تجديدها لكلّ ما كانت شرطاً فيه، دون ما كان الحدث مانعاً منه، بخلافه هنا؛ للعمومات القاضية بطهارة كلّ ما لا يعلم نجاسته، كقوله (عليه السلام): «كلّ شيء لك طاهر حتى تعلم أنّه قذر» [1] و نحوه. فاتّجه حينئذٍ الحكم بالطهارة من الخبث في جميع ما ذكرنا.
اللّهمّ إلّا أن يقال: إنّه باعتبار اعتوار الطهارة و النجاسة عليه يكون من قبيل الشبهة المحصورة بالنظر للوقتين، فيجب اجتنابه من باب المقدّمة، فيكون حينئذٍ كالحيوان الذي اعتراه الجلل و ضدّه و لم يعلم الآن اتّصافه بأيّهما. لكنّه كما ترى، إذ عدّ مثل ذلك من الشبهة المحصورة فيه ما لا يخفى، بل هو أشبه شيء بالشيء المتّحد الذي لا يعلم حلّه و لا حرمته و لا طهارته و لا نجاسته كالجبن و اللبن، و نحوهما، فتأمّل جيّداً.
و يتفرّع على ما ذكرنا: أنّه لو كان عنده ثوب نجس لا غير، و ليس عنده إلّا إناء مشتبه، أمكن القول بوجوب غسله فيهما حتى يكون غير معلوم النجاسة، فيندرج تحت العمومات السابقة، و يحكم بطهارته، ويتعيّن عليه حينئذٍ الدخول به في الصلاة. و لعلّ ذلك الذي أشار إليه السيد شيخ مشايخنا في منظومته، فقال في الإناءين المشتبهين:
و لو تعاقبا على رفع الحدث * * * لم يرتفع، و ليس هكذا الخبث [2]
(2) تحصيلًا لليقين. و احتمل الأوّل؛ لأنّه يصدق عليه أنّه غير واجد للماء. و فيه: أنّه ممنوع، بل لا يحكم عليه بكونه واجداً و لا غير واجد.
فإن قلت: عدم علمه بكونه ماءً يكفي في عدم وجدانه. قلت: هو أوّل البحث، و له مزيد بحث ذكرناه في التيمّم.
و في المدارك: «قد يقال: إنّ الماء الذي يجب استعماله في الطهارة إن كان هو ما علم كونه ماء مطلقاً، فالمتّجه الاجتزاء بالتيمّم كما هو الظاهر، و إن كان هو ما لم يعلم كونه مضافاً اكتفى بالوضوء، فالجمع بين الطهارتين غير واضح» [3].
و فيه: أنّ هناك قسماً ثالثاً، و هو وجوب الوضوء بما كان ماء واقعاً، و لمّا كان هذا غير معلوم المائية حصل عندنا يقين بالخطاب بالطهارة، و لا نعلم أنّها مائيّة أو ترابية، و قد عرفت أنّه ليس مجرّد عدم العلم بالمائية يكفي في الامتثال للتيمّم، فلا بدّ من الإتيان بهما جميعاً؛ تحصيلًا ليقين البراءة.