و هل يشترط في اسم البئر دوام النبع، بمعنى أنّه لا ينقطع عنها النبع (1) أو لا؟ وجهان.
و الظاهر دوران الحكم مدار استعدادها للنبع، فتوقّفه على إخراج بعض مائها لا يقدح في صدق اسم البئر.
و لو كان لها وقتان تنقطع في أحدهما دون الآخر، فالظاهر دوران الحكم مداره وجوداً و عدماً. و لو شكّ فيها في هذا الحال لم يبعد التمسّك بأصالة عدم الانقطاع إن لم يعلم أنّ لها حالتين. و أمّا بعد العلم [بذلك] لكن لا يعلم أنّ هذا الحال أيّهما، فمع سبق العلم بحصول أحدهما لم يبعد التمسّك باستصحابه. و أمّا مع عدم العلم فيحتمل عدم جريان أحكام البئر (2)، و يحتمل القول بالجريان (3).
و ينبغي القطع بخروج الحفر التي تحفر قرب الماء فيكون فيها ماء (4)، كما أنّه ينبغي القطع بخروج العيون (5). و أيضاً (6) أنّ البئر متى اجريت بتصيير نهر لها- و لو في باطن الأرض- تخرج عن مسمّى البئر (7).
نعم، يشترط أن يكون جرياناً معتدّاً به (8). و الآبار المتواصلة إن تحقّق فيها الجريان جرى عليها حكم الجاري، و إلّا كانت آباراً متعدّدة لا بئراً واحداً إن لم تتّحد من سافل.
و أمّا لو كانت من سافل شيئاً واحداً و اختلف الحفر إليها من خارج، فهل هي بئر واحد أو آبار متعدّدة؟
وجهان. و على الثاني، فهل نزحها بنزح الماء جميعه، أو يكفي مقدار ماء بئر؟ لا يبعد الأوّل. كما أنّه لا يبعد ذلك على الأوّل أيضاً (9). و لو اتّصلت بماء جارٍ و إن ركد عندها، فالظاهر عدم إجراء حكم البئر عليها (10). بل و كذا الواقف الكرّ على إشكال.
[كيفيّة تنجّس ماء البئر]:
و كيف كان (فإنّه ينجس بتغيّره) لوناً أو طعماً أو رائحة حسّاً (بالنجاسة)- و في [المتغيّر ب] المتنجّس ما مرّ- (إجماعاً) مع كون التغيّر مستوعباً لجميع الماء، أو خصوص المتغيّر إن لم يقطع التغيّر عمود الماء، و إلّا فالمتغيّر و السافل إن لم يكن مقدار كرّ [11].
(1) كما قد يشعر به التعليل [بعدم إفساد مائها] بالمادة.
(2) لأنّ الشكّ في الشرط شكّ في المشروط.
(3) لصدق اسم البئر عليها، فتأمّل.
(4) لعدم صدق اسم البئر.
(5) لذلك [لعدم صدق اسم البئر].
(6) [كما] قد يستفاد [ذلك] من قوله [الشهيد] في التعريف: «لا يتعدّاها».
(7) و هو كذلك؛ لدخولها تحت الجاري.
(8) و احتمال عدم منافاة صدق الجاري للبئر مدفوع بظهورها من جعل البئر قسيماً للجاري و تخصيصه بأحكام له على حدة.
(9) لاستصحاب النجاسة حتى ينزح الجميع.
(10) اقتصاراً على المتيقّن؛ لأصالة العدم.
[11] على ما ستسمع من مذهب المتأخرين من أنّ حكم البئر حكم الجاري بالنسبة للطهارة و النجاسة.