(2) و من المعلوم أنّ المقصود من هذا التعريف ضبط المعنى العرفي، و إلّا فلا حقيقة له شرعية قطعاً، بل و لا متشرّعية، بل و لا لغوية تنافي المعنى العرفي.
فالذي ينبغي: أن يوكل معناه إلى العرف كما في غيره من الألفاظ التي بهذه المثابة.
لكن لمّا شاع إطلاق اسم البئر على ما ليس كذلك كما في آبار المشهد الغروي- على مشرّفه السلام- و آبار أهل الشام و نحو ذلك، أراد (رحمه الله) ضبطه للعرف حتى لا يقع الاشتباه، فقال: «مجمع ماء نابع ... إلى آخره»؛ إذ ليست الآبار المتقدّمة كذلك، بل يجري الماء إليها من عيون خارجة عنها.
إلّا أنّ قوله (رحمه الله): «لا يتعدّاها غالباً» لا يخلو من إجمال؛ لأنّه:
إن أراد بالغالب بحسب الأزمان ورد عليه أنّه ينبغي حينئذٍ أن تجري على المتعدّي حال التعدّي- و لو نادراً- أحكام البئر؛ إذ يصدق عليه أنّه لا يتعدّاها غالباً.
و إن أراد بحسب أفراد البئر ورد عليه مثل الأوّل بالنسبة للفرد النادر.
فإن قلت: إنّ ذلك كلّه يدفعه قوله: «و لا يخرج عن مسمّاها عرفاً».
قلت: هو مغنٍ حينئذٍ عن قوله: «لا يتعدّاها ... إلى آخره».
لكن قد يكون مقصوده أنّ التعدّي إذا كان نادراً لا يخرجها عن البئرية حال عدم التعدّي، بخلاف ما لو كان التعدّي هو الغالب و عدم التعدّي هو النادر، فإنّه لا يلحقها أحكام البئر، و مثله إذا كانا متساويين؛ لأنّ الأصل عدم تعلّق أحكام البئر، فما لم يعلم بئريته لا يحكم بتعلّق الأحكام عليه.
إلّا أنّه- مع أنّه كيف يعرف المتعدّي غالباً من غيره في الآبار المجهولة الحال، و تنقيح ذلك بالاصول لا يخلو من إشكال- لا يخفى ما فيه من الإجمال الذي لا يناسب التعريف.