لا يخفى أنه لا ينبغي لنا البحث في أن القطع من المسائل الأصولية أم لا؟ بعد ما ذكرنا من أنه ليس هناك جامع بين القواعد الأصولية، و يقع الكلام فيه من جهات.
حجية القطع
الجهة الأولى: في أنه حجة أم لا؟
و على فرض كونه حجة كيف يكون ذلك؟
للحجية مفهوم منطقي و مفهوم أصولي، أما المفهوم المنطقي فهو الذي سميناه في كتبا «فلسفتنا» بنظرية المعرفة و هو جواز الاعتماد على القطع في اقتناص الواقع. و أما مفهومه الأصولي فهو المنجزية للواقع على تقدير الاصابة و المعذرية عنها على تقدير المخالفة.
إذا تبين ذلك نقول: ذهب الأكابر من المحققين الى ان القطع حجة، بدعوى ان مخالفة أوامر المولى المقطوع بها ظلم و بالتالي قبيحة من باب قبح الظلم و حسن العدل و الاحسان. و اختلفوا في أن قبح الظلم الذي يكون مخالفة القطع من مصاديقه هل يكون من المدركات العقلية؟ أو يكون الوجه فيه بناء العقلاء على ذلك؟ أو يكون من الأحكام البعثية للعقل؟ أما الوجه الثالث فسخيف و ذلك لعدم وجود أحكام بعثية و زجرية للعقل بما هو عقل، فيبقى الوجه الأول و الثاني.
و اختار السيد الاستاذ الاول و استدل على عدم تمامية الثاني بوجهين:
الأول: ان حجية القطع كان مسلما في زمان الانسان الأول قبل ان يوجد مجتمع العقلاء و يبنون على حجية القطع حفظا لنظامهم، فلو كان ذلك من جهة بناء