الصوري من الخطأ في العقل المكتسب ان وضع ذلك في حدود وظيفتنا الاصولية أمر لازم، و يمكن لهذا الاصولي اذا وفقه الله ان ينهض بذلك في يوم ما.
[الكلام مع الأخباريين بلحاظ العقل العملي]
و أما العقل العملي فالكلام في قصوره من حيث عالم الاستكشاف عن اثبات حكم شرعي به يقع في مقامين:
الأول: في بحث العقل العملي نفسه.
الثاني: في بحث ذلك القانون الذي يجب اضافته من العقل النظري الى العقل العملي في عملية استنباط الحكم الشرعي، كقانون الملازمة كما عرفنا في المقدمة الثانية.
المقام الأول [فى العقل العملى نفسه]
إن العقل العملي موضوع اهتمام كبير عند المنطقي بوصفه نوعاً من الادراك، و مادة من مواد القياس، و عند الفيلسوف الذي يطلق عليه اسم الخير و الشر الذي يشمل موارد الحسن و القبح؛ فانه يدرس وجود الخير و الشر من ناحية فلسفية، و كذلك هو مهم عند المتكلم الذي يطلق عليهما أي على الخير و الشر اسم الحسن و القبح العقليين، باعتبار ارتباط ذلك بمسألة العدل الإلهي و تفسير المعاد، و عند الاخلاقي الذي يطلق عليهما اسم الفضيلة و الرذيلة و يجعل منهما القاعدة.
و خلاصة ما يستفاد من كلام الاخباريين بالنسبة الى العقل العملي هو انهم يشككون في العقل و في قيمته لا في المعقول، بمعنى التشكيك في قيمة الادراك العقلي للحسن و القبح على حد التشكيك في قيمة ادراك العقل النظري للامكان و الاستحالة مثلًا، لا انكار اصل الحسن و القبح، كما لا ينكر أصل الامكان و الاستحالة، و من هنا يختلف الاخباري عن الاشعري، و يختلف النزاع بين الاخباري و خصمه عن النزاع بين الاشعري و أهل العدل، فالنزاع الاول في قيمة العقل بعد الاعتراف باتصاف الافعال في انفسها بالحسن و القبح، و النزاع الثاني في اصل اتصاف تلك الافعال بالحسن و القبح بحيث ينكر الاشعري ثبوت خصائص من هذا القبيل للافعال في انفسها.