الى دعوى ان لسان دليل حجية الامارات هو تنزيل الظن منزلة القطع.
و لا بد لنا من البحث في كلا هذين الأمرين فنقول:
يقع البحث أولًا: فيما هو الممكن في باب الامارات من العملية التي يترتب عليها تنجيز الواقع، و المعذرية عنها.
و ثانياً: فيما هو الواقع من تلك الالسنة، و هل يتكفل قيام الامارات مقام القطع بكلا قسميه من القطع الطريقي و الموضوعي المأخوذ على وجه الكاشفية أو لا؟ فهنا أبحاث ثلاثة:
البحث الأول: فيما هو الممكن من ألسنة الحجية المترتب عليها المنجزية و المعذرية،
فنقول: اشتهر ان ذلك لا يمكن الا بجعل حكم تكليفي، و غاية ما يمكن ان يقال في وجه ذلك: إن آثار القطع من الكاشفية و المنجزية و المعذرية بعضها تكويني و هو الأولى، و بعضها عقلي و هو الاخيرتان، و من المستحيل جعل هذه الآثار بالتعبد، فان الشارع لا يمكنه ان يوجد بالتشريع المنجزية و المعذرية، كما لا يمكنه ان يوجد بالتشريع سائر الامور العقلية كاجتماع الضدين و نحو ذلك.
و التحقيق انه لو أريد ايجاد نفس هذه الآثار و حقيقتها بالجعل فهذا واضح الاستحالة، و لا يظن بأحد الالتزام بذلك، و لو اريد ايجاد عناوينها اعتبارا و فرضا من قبيل التبني في مجتمع يرمي ذلك، فيجعل شخصا بالجعل و الاعتبار و الفرض و الخيال ابنا له، فهذا لا ينبغي الاشكال في امكانه.
نعم، ينبغي الكلام في أنه هل يترتب على هذا الجعل و الاعتبار المنجزية و المعذرية الحقيقيتان أم لا؟ و في تحقيق ذلك لا بد من التفتيش عن نكتة التنجز و المعذرية حتى يرى ان هذه النكتة هي موجودة في هذا الجعل و الاعتبار أو لا؟.
فنقول: ان سلكنا على ما مضى منا في المقام الاول، من ان قاعدة قبح العقاب بلا بيان ليس موضوعها خصوص عدم البيان، بل موضوعها عدم شيئين: البيان، و العلم بان اهمية الحكم عند المولى تكون بنحو لا يرضى بتركه عند الشك، كما لو غرق شخص و علم ان فرض وجوب انقاذه هو فرض كونه ابنا له، و هو لا