بعد ما أحطت خُبراً بما تلونا عليك: من إمكان تصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة، و إمكانه بين الصحيح و الفاسد، يقع الكلام في مقام الإثبات، و مقام التصديق، و أنّه هل وُضعت ألفاظ العبادات لخصوص العبادات الصحيحة، أو للأعمّ منها و الفاسدة؟
و ليعلم أوّلًا: أنّ القائلين بوضع ألفاظ العبادات للصحيحة منها على طائفتين:
فطائفة كشيخنا العلّامة الأنصاري و المحقّق النائيني 0 و أتباعهما؛ حيث ذهبوا بوضعها لخصوص الماهيّة الجامعة لجميع الأجزاء و الشرائط [2]، و الطائفة الاخرى كالمحقّق الخراساني (قدس سره) و أتباعه؛ حيث تصدّوا لتصوير الجامع بين الأفراد الصحيحة و إمكان الإشارة إليه بخواصّه و آثاره [3]
. و لكُلٍّ من الطائفتين دعوى تخصّه و تقريب يتّكل عليه، فمن يزعم و يعتقد بأنّ الألفاظ موضوعة للأعمّ، لا بدّ له من إبطال دعوى كلتا الطائفتين و تقريبهما.
فنقول: استدلّ شيخنا الأعظم الأنصاري (قدس سره) على كون الألفاظ موضوعة للمركّب التامّ بوجوهٍ عُمدتها وجه واحد:
حاصله: أنّ الوجدان حاكم على أنّ ديدن الواضعين للألفاظ للمعاني المخترعة،
[1]- قلت: كان الأولى- كما يقتضيه الترتيب الطبيعي- ذكر هذه الجهة عقيب الجهة السادسة، و ذكر ثمرة القولين بعدها، كما لا يخفى. المقرّر