قد استشكل على هذا: بأنّ غاية ما يقتضيه إطلاق الدليل هو الظنّ لا اليقين، و الظنّ لا يثبت موضوع القاعدة العقليّة، فلا يمكن أن يُستفاد من إطلاق الدليل أنّ المؤثّر واحد؛ لأنّ مع الإطلاق يحتمل- وجداناً- أن يكون الأثر المترتّب على الصلاة الواجدة لجميع الأجزاء، غيرَ الأثر المترتّب على الفاقدة لبعضها [1]
. و لكن يمكن دفعه: بأنّه على فرض جريان القاعدة في أمثال المقام، يكون مُقتضى قاعدة الواحد إثبات التلازم بين وحدتي الصادر و المصدر فقط، فإن لم يحتجَّ في مورد إلى إحراز وحدة المؤثّر وجداناً- كما فيما نحن فيه- لكفى.
و بالجملة: القاعدة إنّما تُثبِت أصل الملازمة، و أنّى لها إثبات أنّ المؤثّر لا بدّ و أن يكون محرَزاً بالوجدان؟! و فيما نحن فيه لا نحتاج إلى إحراز وحدة المؤثر وجداناً، بل يكفي إحرازه تعبّداً، فإذا دلّت الأمارة المُعتبرة على ترتّب الأثر على طبيعة و ماهيّة، فمقتضى إطلاقها أنّ نفس الطبيعة- سواء كانت واجدة لجميع الأجزاء و الشرائط، أو فاقدة لبعضها- منشأ للأثر.
الإشكال الثاني: أنّ الاشتراك في الأثر لا يقتضي وحدة المؤثّر هويّة و حقيقة، و لا دليل على ذلك، بل الوجدان يقتضي خلافه؛ بداهة اشتراك الشمس مع النار في الحرارة، و مع ذلك مختلفان بالهويّة. نعم لا بدّ و أن يكون بين الشيئين جامع يكون هو المؤثّر لذلك؛ لامتناع صدور الواحد عن الكثير، و لكن مجرّد ثبوت الجامع بينهما لا يلازم اتّحاد هويّتهما؛ لإمكان أن يكونا مختلفي الحقيقة، و مع ذلك بينهما جامع في بعض المراتب، يقتضي ذلك الجامع حصول ذلك الأثر، فبعد ما لم يكن الجامع راجعاً