الأمر السادس في أنّ للمجموع المركّب من المادّة و الهيئة وضعاً أم لا؟
لا إشكال و لا ريب في أنّه كما يحتاج أبناء النوع الإنساني- من أيّ لغة و لسان- إلى تفهيم المعاني المفردة و تفهّمها، فكذلك يحتاجون إلى تفهيم المعاني المركّبة و تفهّمها، بل احتياجهم إليها في إبراز مقاصدهم أكثر من احتياجهم إلى المعاني المفردة؛ لأنّ أكثر مقاصدهم و احتياجاتهم تدور حول المعاني المركّبة، من حصول شيء لشيء، أو إيجاد شيء مع شيء، أو كون شيء في شيء، أو على شيء ... إلى غير ذلك من النسب و الإضافات.
فإذاً كما أنّ دلالة الألفاظ المفردة على معانيها- بعد ما لم تكن ذاتيّة- مرهونة بالوضع و المواضعة، فكذلك لا بدّ و أن تكون دلالة ما يفهم منها المعاني التصديقيّة بالوضع و المواضعة، و اللغة التي يهمّنها عجالةً التكلّم فيها هي اللغة العربية؛ لأنّ الكتاب و السنّة منزّلان عليها، فنعطف عنان البحث إليها، و نقول:
قد وقع الخلاف بينهم فيما يدلّ على المعنى التصديقي في اللّغة العربيّة؛ بأنّه هل هي هيئة الجملة، أو المجموع المركّب من المادّة و الهيئة؛ بأنّه هل يكون للمجموع وضع