الجهة الثانية في أنّ دلالة الألفاظ على المعاني هل تابعة للإرادة أم لا؟
حكي [1] عن العَلَمين الشيخ الرئيس أبي علي سينا و الشيخ نصير الدين المحقّق الطوسي 0: أنّهما قالا: إنّ الدلالة تابعة للإرادة [2]
. فاختلفوا في مُرادهما: فعن صاحب الفصول (قدس سره): أنّ مُرادهما بتبعيّة الدلالة للإرادة هو أنّ الألفاظ موضوعة للمعاني بما هي مُرادة؛ بحيث تكون الإرادة دخيلة في المعنى الموضوع له شطراً أو شرطاً [3]
. و لكن دفعه المحقّق الخراساني (قدس سره)، و قال: بأنّ مُرادهما غير ذلك، هو أنّ الدلالة التصديقيّة للألفاظ على معانيها تابعة للإرادة.
و حاصل ما أفاده: أنّ للكلام الصادر من المتكلّم دلالتين:
إحداهما: الدلالة التصوّريّة: و هي دلالة اللّفظ على معناه، و بعبارة اخرى:
حضور المعنى في الذهن عند سماع اللّفظ، و هذه الدلالة قهريّة تحصل في ذهن السامع بمجرّد علمه بالوضع و شعوره به و إن علم بغفلة المتكلّم أو عدم إرادته.
و الثانية: الدلالة التصديقيّة: و هي كون المعنى المتحصّل من الكلام- بعد فهم بعض أجزائه ببعض- مُراداً للمتكلّم، و هذه الدلالة تتوقّف على إرادة المتكلّم و شعوره و التفاته إلى مضمون الكلام، فإذا قال: «الصلح نافذ» لا يصلح أن يسند إليه مضمون الجملة، و أنّه مُراد له، إلّا إذا كان في مقام بيان مُراده، و إلّا لا يصلح إسناده إليه، نعم
[1]- الحاكي هو الشيخ محمد حسين الأصفهاني في فصوله: 17- 18 السطر الأخير.
[2]- الشفاء (قسم المنطق): 25- 26، شرح الإشارات 1: 32.