ثمّ إنّه فرق بين «الذي» و «التي» و نحوهما، و بين «من» و «ما» و «أيّ» و نحوها، فإنّ المنساق إلى الذهن و المتبادر في النظر أنّ كلًا مِن «من» و «ما» و «أيّ» وضعت للعنوان المبهم، بخلاف «الذي»، و «التي» و نحوهما التي عرفت حالها.
و لا يخفى حالها أنّه لا مضايقة في كون الموصولات حروفاً، و مع ذلك تعامل معها معاملة الأسماء، كما أشرنا إليها في ألفاظ الإشارة، فلاحظ.
و أمّا حديث كيفيّة وضع الموصولات، فالكلام فيها الكلام فيما ذكرناه في ألفاظ الإشارة و ضمائر الغيبة حتّى ما كان منها اسماً موضوعاً للعنوان المبهم، فتدبّر.
الجهة الحادية عشر في موقف الحروف من حيث الإخبار عنها و بها
اشتهر بين الأدباء، و تبعهم غيرهم: أنّ الحروف لا تصلح لأن يخبر عنها و لا بها، بخلاف الأسماء و الأفعال، فإنّ الأفعال تصلح لأن يخبر بها، و الأسماء تصلح لأن يخبر بها و عنها [1]
. و قد يقال في وجه ذلك: إنّ المعنى الحرفي حيث إنّه آلة لملاحظة الغير، و غير مستقلّ بالمفهوميّة، و يكون معناه مغفولًا عنه في الذهن، فلا يُعقل أن يلحظ و يترتّب عليه امتناع وقوع الحرف مُخبراً عنه أو مُخبراً به [2]
. و لكن لا يخفى ما فيه؛ لأنّ غالب الإفادات و الاستفادات إنّما هو بإفهام المعاني
[1]- شرح الكافية 1: 8 سطر 31، حاشية السيد الشريف على المطوّل: 372، هداية المسترشدين: 34 سطر 14، بدائع الأفكار: 36 سطر 24.
[2]- انظر حاشية السيد الشريف على المطوّل: 372- 373، و هداية المسترشدين: 34 سطر 14، و بدائع الأفكار (للمحقّق الرشتي (قدس سره)): 36 سطر 24.