ظهر لك بما ذكرنا: أنّه لا تنحصر معاني الحروف في الإيجاديّات، كما يراه المحقّق النائيني (قدس سره)، و لا في الحاكيات و الإخطاريّات، كما يراه المحقّق العراقي (قدس سره)، بل بعضها إيجاديّة، ك «واو» القسم و النداء و التعجّب و أمثالها، و بعضها حاكيات، و بعضها غيرهما.
و لكن المحقّق العراقي (قدس سره) يرى عدم إمكان إرادة الإيجاديّة في شيء من الحروف أصلًا، و قال: إنّ جميع معاني الحروف إخطاريّة، حتّى مثل حروف النداء و التشبيه و التمنّى و الترجّي و نحوها، غاية الأمر يكون المدلول عليه بالذات و بالعرض واضحاً تشخيصه، ك «زيد في الدار»، و «سرت من البصرة»، و في بعضها الآخر خفيّاً، مثل النداء و التشبيه و نحوهما، فإن كان مُراد القائلين بإيجاديّة مثل حروف النداء و نحوه: أنّ استعمال حروف النداء يوجب حدوث فرد من النداء، فالإيجاديّة بهذا المعنى لا شبهة فيها، و لكن لا يمكن أن يكون هذا الوجود الخارجي الجزئي معنى هذه الأدوات و المدلول عليه بالذات.
و استدلّ لذلك بوجوه، نذكر وجهين منها هنا، و نشير إلى الوجه الثالث في باب الحقيقة و المجاز:
الوجه الأوّل:
حاصل ما أفاده (قدس سره) في الوجه الأوّل: هو أنّ اللّفظ يدلّ بالذات على المعنى الذي يحضر في الذهن عند سماع اللّفظ الموضوع له، أو حين تصوّره، و بالعرض على الخارج و نفس الأمر، فكلّ لفظ له معنيان:
1- ما يدلّ عليه اللّفظ ذاتاً، و هو الذي يحصل في الذهن.
2- المعنى الواقعي الذي يكون مدلولًا عليه بالعرض، و لا يعقل أن يحضر