responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الشيخ الخواجوئي    جلد : 1  صفحه : 215

و من فوائد الجوع خفّة المئونة و إمكان القناعة بقليل من الدنيا، فإنّ من تخلّص من شره البطن لم يفتقر إلى مال كثير فيسقط عنه أكثر هموم الدنيا فيصفو سرّه و يجلو فكره، فلو لم يكن في الجوع فائدة إلّا هذا لكان كافياً في مدحه و كونه محموداً، فإنّ طلب العلم و حصوله فيه تشبه بأجلّ صفات الربوبية، و هي العلم الذاتي مع ما فيه من التشريف و التشبيه بآداب الروحانيّين، و قد ورد في الخبر: «أنّ العلم ليس في السماء فينزل إليكم، و لا في تخوم الأرض فيخرج لكم، و لكنّ العلم مجبول في قلوبكم، تأدّبوا بآداب الروحانيّين يظهر لكم». و لذا كان سيّد الروحانيِّين أمير المؤمنين عليه سلام ربّ العالمين لم يشبع من طعام قطّ، و كان يجعل خبز شعير يابس مرضوض في جراب ثمّ يختمه مخافة أنّ الحسنين (عليهما السلام) يلتّانه بزيت أو سمن، و هذا شيء مختصّ به (سلام اللّٰه عليه) لم يشاركه فيه غيره، و لم ينل أحد بعض درجته، و قلّ أن يأتدم، فإن فعل فبالملح أو الخلّ، فإن ترقّى فبنبات الأرض، فإن ترقّى فبلبن، و كان لا يأكل اللحم إلّا قليلًا. فليتشبّه به من كان من شيعته، فإنّ ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه، و الميسور لا يسقط بالمعسور، إذا أُمرتم بشيء فأتوا منه بما استطعتم. ثمّ أنت خبير بأنّ هذا الحديث في الحقيقة نهي عن كثرة الأكل و الإفراط في التملّي بذكر ما يستلزمه من المفسدة، و هي الحرمان عن الحكمة التي هي غذاء الروح و طعام القلب، و أين غذاء البدن من غذاء الروح، و ما يستعقبه من الفوائد و الفتوح؟ فذكر علّة النهي و اكتفى بها عنه، و مثله في الأخبار كثير كقوله: «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة أو مثال» [1] فإنّه نهي عن المذكورات بذكر علّته، و هي عدم دخول الملائكة المورث للخير و البركة، فكأنّه قال: لا تفرطوا أكلًا و لا تملؤوا أجوافكم طعاماً فتحرموا الحكمة فتكونوا من أشدّ الناس يوم القيامة حسرة. و يشبه أن يكون هذا الذي ذكرناه هو الوجه في كون المؤمن قليل الأكل كما


[1] كنز العمال 15: 395.

نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الشيخ الخواجوئي    جلد : 1  صفحه : 215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست