و الطائفة المؤمنة هي التي تنصّرت، و الكافرة هي التي بقيت على يهوديتها فأيد اللّه النصارى على اليهود و سلّطهم عليهم سياسيا و جعلهم يتحكمون بحياتهم، و بمصيرهم الى يوم القيامة [2] .
و هكذا يظهر رأي العلاّمة الرازي، اكثر غرابة من رأي العلاّمة الطباطبائي، لأنه ليس فقط اجتهادا مخالفا للنصّ القرآني المؤكد لاستمرار و ديمومة حالة الاختلاف الديني و الصراع التاريخي بين اتباع الديانتين اليهودية و النصرانية، بل هو أيضا تزوير للتاريخ و تزييف للواقع الذي شهد عداء مستحكما و حروبا دموية طاحنة بين الطرفين، بدأت منذ محاولة اليهود قتل نبي اللّه عيسى بن مريم عليه السّلام الى يومنا هذا، و اذا صح تفسير الولاية المنهي عن اقامتها من قبل المسلمين مع أهل الكتاب بالحلف و النصرة-كما يدعي الرازي-فعليه لا يجوز للمسلمين شرعا عقد اتفاقيات دفاعية و محالفات تجارية و غيرها من عهود الحلف و المناصرة الضرورية لحفظ الدولة الاسلامية و رعاية مصالح المجتمع الاسلامي مع دول أهل الكتاب و دول الكفر و الشرك الاخرى، و هذه الفتوى التي تبرع بها الرازي منافية لطبيعة التعايش البشري و لروح الإسلام و معارضة بالسيرة النبوية الثابتة، حيث عقد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم محالفات دفاع مشتركة بينه و بين يهود بني قريظة و النضير في المدينة و بينه و بين بعض القبائل العربية المشركة المعادية للزعامة القرشية، و كان هدفه من تلك المحالفات حماية الدولة الإسلامية من الاعتداءات الخارجية المحتملة،