لقد اراد هذا الخليفة ان يحتال على مشاعر المسلمين و يركز في تصوراتهم بأن الثورة العباسية هي المقصودة في الاحاديث النبوية المبشرة بخروج قوم من المشرق يوطئون للمهدي سلطانه.
و من هذا المنطلق لقب نفسه بـ (المنصور) و هو من القاب شعيب بن صالح التميمي الموطئ للمهدي عليه السّلام. و لقب ولده بـ (المهدي) ، و امر مالكا بكتابة (الموطأ) ليكون المنصور العباسي موطئا لولده المهدي سلطانه!
لقد غفل هذا الخليفة العباسي الغارق في حب الرئاسة و الدنيا، ان مفهوم التوطئة للمهدي الموعود لا يتجسد في انجاز كتاب يسمى بـ (الموطأ) ، و انما يتحقق في حركة سياسية و جهادية و فكرية تغييرية، تقوم بدور رسالي رباني فاعل في الساحة العالمية، يؤدي الى تغيير الكثير من المعادلات السياسية التي تتحكم في العالم ظلما و عدوانا تمهيدا للثورة المهدوية العالمية.
*** حاول خلفاء بني العباس أن يتظاهروا امام المسلمين بسيرة اسلامية مخالفة للسيرة الاموية العدوانية، و من المعروف ان بني امية منعوا من تدوين الحديث النبوي اقتداء بسيرة الشيخين و ضيقوا الخناق على الرواة و العلماء و لم يطلقوا العنان لتشجيع الحركة العلمية في الامة، فجاء بنو العباس و عملوا على خلاف سيرتهم فقربوا الرواة و الفقهاء، و فتحوا المدارس و المكاتب العلمية الكبيرة، و شجعوا على طلب العلم و كتابته و رواية الحديث و تدوينه. و لكنهم لم يفعلوا ذلك لدوافع دينية و انما فعلوه بغضا بالسياسة الاموية و خدمة لمصالحهم
[1] راجع هذه القضية التاريخية في كتاب: (الامامة و السياسة) ، لابن قتيبة، في الاخبار الخاصة بالثورة العباسية.
غ
نام کتاب : ثوره الموطئين للمهدي في ضوء أحاديث أهل السنة نویسنده : الفتلاوي، مهدي حمد جلد : 1 صفحه : 301