و هكذا ترى في مجموع هذه الاخبار الغيبية ان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم كان يحمل هموم امته و يتحدث عن مأساتها و آلامها المستقبلية و هي تحترق بنيران فتنة ائمة الضلال المتصارعين على الخلافة بعده و تئن تحت وطأة الحكم الاموي الظالم و العباسي المتعسف و كأنه صلوات اللّه و سلامه عليه و على آله يتحدث عن امر تاريخي قد وقع و انتهى و ليس أمرا مستقبليا!
و في مرة نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بعين الغيب الى رموز الظلم و الضلال في فترة الخلافتين الاموية و العباسية فقال: «ويل لامتي من الشيعتين شيعة بني امية و شيعة بني العباس راية الضلال» [2] .
و مما يؤسف له انه مع كل هذه التحذيرات النبوية اختارت الاغلبية الساحقة من الامة السير على طريق الويل تحت سياط الارهاب بالنار و الحديد، و في ظل سياسة الاغراء بالمال و الذهب و المناصب، و هكذا اصبح اكثر الناس شيعة لبني امية و بني العباس اي شيعة لائمة الضلال من سفهاء قريش، و اصبح شيعة أهل البيت من ابناء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم غرباء في الامة لان من يوالي ابناء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم تلصق به مئات الاتهامات الباطلة.
و بهذه المسيرة الانحرافية الطويلة الامد التي أصبح فيها الموالي لابناء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم زنديقا و رافضيا منحرفا و الموالي لشيعة بني امية و بني العباس من أهل الحق و الصلاح تحقق ما أخبر به النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم يوم تلا قوله تعالى:
[1] كنز العمال، ج 11، ص 162، ح 31042، مجمع الزوائد، ج 5، ص 244، باب ائمة الضلال و الجور.