التكاليف الحرجيّة كانت تواجه من قبل كافّة النّاس بالمخالفة و العصيان لكان من الممكن أن نقبل الرأي الذي يقول بعقلانيّة قاعدة نفي الحرج. و لكنّنا نشاهد أنّ التكاليف الحرجيّة كسائر التكاليف الاخرى، البعض يعمل بها، لأنّه إنسان متعبّد و مقيّد، و البعض الآخر يتركها، لكونه إنسان غير ملتزم و غير متعبّد. فالإنسان غير الملتزم نراه لا يلتزم بأسهل التكاليف الإلهيّة الخالية من أيّة مشقّة. و في المقابل فإنّ الإنسان الملتزم و المتعبّد نراه مستعدّاً لأن يصوم سبعة عشر ساعة في طقس حارّ قد تصل فيه الدرجة إلى خمسين درجة مئوية. إذن الأساس في العمل بالتكاليف و عدم العمل التقوى و الالتزام، ليس إلّا. و من هنا نصل إلى هذه النتيجة، و هي أنّه لا يوجد هناك دليل عقلي يمكن التعويل عليه في هذه المسألة. و ما يدّعى أن يكون دليلًا عقلياً إمّا أن يكون خارجاً عن قاعدة نفي الحرج، و إمّا أن يكون داخلًا في حوزة قاعدة نفي الحرج، إلّا أنّه ناقص و غير تامّ. من هنا نخلص إلى هذه النتيجة، و هي أنّ الدليل على قاعدة نفي الحرج ينحصر في خصوص الآيات و الروايات، و أمّا الإجماع و العقل فلا يمكن أن نعتبرهما دليلان مستقلّان.
العناوين المختلفة للحرج
العناوين التي ذكرت في مجموع الآيات و الروايات هي أربعة عناوين، الحرج، العسر، الإصر، الضيق. و عنوان الضيق نصّت عليه الروايات خاصّة.
و الآن لنرى هل يوجد هناك اختلاف بين هذه العناوين، أو أنّها متساوية في المفهوم و المعنى أو قل: متقاربة؟ و إذا كان هناك تباين بين هذه العناوين، فما هي كيفيّة هذا