صرّح بهذه الحقيقة على لسان القرآن: سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا...
استجابة لدعاء إبراهيم.
مؤيّدات و قرائن على التفسير المختار
ثمّ إنّ القرآن الكريم، يذكر الهدف من ذلك بقوله: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ، و قلنا فيما سبق أنّ الآية تطرح ثلاث عناوين: أحدها هو عنوان الرّسول، و الآخر هو النّاس، و العنوان الثالث هم المخاطبين بقوله: أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ أيّ ذرية إبراهيم (عليه السلام)، و قلنا: إنّ هناك قرائن كثيرة يفهم منها أنّ المخاطبين هم الأئمّة الأطهار (عليهم السلام). أحد هذه القرائن هو ما تطرّقنا إليها في الآيات السابقة من سورة البقرة، و هو قوله: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا و قد عبر عنهم في هذه الآية ب أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ. القرينة الاخرى هي قوله تعالى: هُوَ اجْتَباكُمْ، فالاجتباء إنّما يتمُّ بشروط و مواصفات خاصّة. و القرينة الثالثة هي قوله تعالى: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ. و هناك قرينة أخيرة قد أشرت إليها سابقاً، و لكنّها بحاجة إلى شرح و توضيح، و هي نفس قوله تعالى: وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ، فالأمر بالجهاد هنا ليس موجّهاً إلى عامّة النّاس، لما ذا؟ لأنّ القرآن تحدّث عن الجهاد في موارد كثيرة، الجهاد في سبيل اللَّه، و من أجل الأموال و الأنفس، فالجهاد مع ما فيه من الصعوبة، إلّا أنّه يخصّ الجميع، و لا يقتصر على جماعة دون جماعة. و كلّ واحد منّا يمكنه أن يكون على نحو معيّن من المجاهدة، و لكن للجهاد درجات و مراتب.