و الأساس في قولنا: إنّ بعض الذريّة هم العرب، و كلّ الذريّة هم أيضاً عرب؟
فالعرب كانوا عبارة عن طوائف و قبائل متعدّدة، و أحد هذه الطوائف هم بني هاشم، و ينتهي نسبهم إلى إبراهيم و إسماعيل (عليهما السلام)، أمّا كلّ العرب من حيث النسب و الأصل فليسوا من إبراهيم (عليه السلام) و إن كانوا يعودون إلى زمن إبراهيم، و من هنا فإنّ هذا النوع من التفسير مردود. و هناك تفسير ثالث أرى أنه أفضل ممّا ذهب إليه صاحب المنار، و هو أن نغضّ الطرف عن عبارة: مِنْ ذُرِّيَّتِنا و نفسّر قوله أُمَّةً مُسْلِمَةً بالمجتمع الإسلامي، و الامّة المسلمة، لأن هذا التفسير على الأقلّ يعطي تصوّراً صحيحاً للمجتمع الإسلامي حيث يجمع بين العرب و غير العرب، و في الحقيقة هناك ثمّة سنخية بين هذا التفسير و آية: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أمّا حصرنا للآية في العرب فلا يمكن الأخذ به، لأنه لا يتطابق لا مع ظاهر الآية و لا يوافق الآية الاخرى آية: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ.... لأنّ في آية، لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ليس المسألة مسألة العرب، و إنّما المقصود هم المسلمين و أتباع الرسول (صلى الله عليه و آله)، سواء كانوا عرباً، أو لم يكونوا، كسلمان الفارسي (رحمه الله) الذي يمثّل أوضح مصاديق المؤمنين في ذلك الوقت، و كان فارسيّاً و بعيداً عنه العروبة تماماً. إذن محصّل القول: إنّ الأساس الذي يجعلنا نتعامل مع هذه الآية [الآية 127 من سورة البقرة] بخلاف تعاملنا في فهم آية لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ علينا... يكمن في عبارة وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا، و برأيي أنّ المعنى الذي طرحناه كان على مستوى من الوضوح.
و قد أشار بعض الإخوة إلى أنّ أحد كتب التفسير تعرض إلى نفس هذا المعنى مستعيناً في ذلك بالرّوايات، لكن لا على نحو التفصيل الذي أوردناه، و قد راجعت التفسير بنفسي فوجدته قد ذهب إلى ما ذهبنا إليه بمنهجية تختلف عن منهجيتنا بالإفادة من الروايات.