بأنّ الآية: كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا معناها: (إصر الذي حملته على الذين من قبلنا). و أمّا الآية الاخرى، و هي قوله تعالى: وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فلا يعلم أنّها متعلّقة بالآية: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً و الظاهر أنّها تحكي عن إصر و أغلال كانت على قومٍ من الأقوام. بالإضافة إلى جهلهم، بدليل أنّ الآية لم تقل: و يضع عنهم إصراً كان ثابتاً عليهم دينيّاً، أو يضع عنهم الأغلال التي كان الدين قد حملها عليهم، فالإصر و الأغلال التي ذكرتها هذه الآية يقصد منها الأغلال و الأثقال الناتجة عن جهلهم و تعصبهم و حميّتهم، و التي كانت تثقل على عاتقهم، فجاء رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) و ألغى كلّ هذه المسائل، و لا يوجد هناك أيّ دليل في أنّ آية: (وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إصراً) هي من سنخ هذه الآية، أي آية: وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا، بل من الواضح أنّ الإصر المنظور في آية:
(وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) ليس الإصر الثابت عليهم من جهة الدين، و الأغلال أيضاً لم يقصد بها تلك التي كانت ثابتة عليهم من قبل الدين، و من هنا يجب علينا أن لا نخلط بين الآيتين، و الآن ما هو ردّنا على الإشكال المطروح؟ هناك عدّة ردود اخرى ذكرت في هذا المجال، منها: ردّ المرحوم بحر العلوم (قدس سره) و الذي يعود أساساً إلى الردّ الأوّل لصاحب الفصول (قدس سره) الذي استعرضنا و سنتطرّق إليه لاحقاً إن شاء اللَّه.
جواب صاحب الفصول (قدس سره):
أفضل الردود في هذا المجال هو ما أفاده صاحب الفصول عليه الرحمة. حيث ذكر في إجابته ثلاثة موارد و أجاب على كلّ مورد منها بإجابة خاصّة. أحد هذه الموارد هو مسألة الجهاد.