و على فرض تسليمنا فالإشكال الثّاني هو أنّه لقائل أن يقول: إنّ قاعدة لا حرج لا بدّ و أن تكون متقدّمة على غيرها، و لا تحتاج بالأساس إلى مرجّح خارجي، و السبب في تقدّم قاعدة لا حرج مع افتراض التعارض هو أنّ قاعدة لا حرج إنّما جاءت في مقام الامتنان، و هذا دليل على تقدّمها على الأدلّة الأوليّة، و إلّا لو كانت محكومة من قبل الأدلّة الواقعيّة. أي أن تكون الأدلّة الأوليّة متقدّمة عليها لما بقي هناك ما يمُنَّ به اللَّه على هذه الامّة، إذن أين هذا الامتنان؟ و قد منّ اللَّه على هذه الامّة بما لم يمنّ به على غيرها من الامم فاقتضى ذلك أن تكون القاعدة راجحة على دليل الوضوء دائماً، و لا حاجة إلى مرجع آخر، بل أنّ القاعدة بنفسها متقدّمة، لكونها جاءت في مقام الامتنان، و الامتنان هو المرجع الذي يقتضي أن تكون قاعدة لا حرج متقدّمة على الأدلّة الأوليّة. و لو فرضنا أنّ هناك نوعاً من التعارض، مع ذلك لا حاجة للتعويل على المرجع الخارجي، بل إنّ قاعدة الامتنان تثبت أرجحيّة قاعدة نفي الحرج حتّى مع فرض التعارض، و الصواب هو فيما عرضه الشيخ الأنصاري (قدس سره) من أنّ دليل نفي الحرج حاكم على الأدلّة الأوّليّة.
قاعدة لا حرج و التخصيص
هل تقبل قاعدة لا حرج التخصيص، أو لا؟ و بعبارة اخرى: هل يمكن تخصيصها، أو لا يمكن تخصيصها؟ و لو فرضنا أنّ تخصيصها أمراً ممكناً، فهل جرى عليها التخصيص أم لا؟ و لو فرضنا وقوع التخصيص، فهل أنّ موارد التخصيص كثيرة، أم لا؟ و هذا البحث من المباحث المهمّة في قاعدة لا حرج. أمّا إمكان التخصيص و عدمه، فقد قلنا فيما سبق: من أنّ البعض اعتبر قاعدة