و أمّا على أساس مبنى المحقق الخراساني (قدس سره) الذي كان يرى أنّ «لا ضرر» على نحو نفي الحقيقة، فكلمة الضرر اخذ فيها لحاظ الماهيّة، و «لا» تدلّ على النفي أي تنفي هذه الحقيقة. و لكن المرحوم اعتبر في نفي الحقيقة لحاظين: فتارةً يكون نفي الحقيقة على نحو الحقيقة، و تارةً على نحو الادّعاء، فهو يعتبر «لا ضرر» تفيد نفي الحقيقة، و لكن لا على نحو الحقيقة، و إنّما على نحو الادّعاء. إذن، لا ضرر يعني لا وضوء مع الضرر، أي أنّ آثار الوضوء كالوجوب و المقدّمية تنتفي، فلا يكون واجباً و لا يكون مقدّمة للصلاة، بل ينتقل إلى التيمّم. من هنا يتبيّن لدينا أنّ نقطة الارتكاز في كلام الآخوند (قدس سره) هي نفي الحقيقة ادّعاءً، و الآية لا تفيد نفياً للحقيقة من الأساس، و فرضاً لو أخذنا بكلام المحقق الخراساني (قدس سره) في خصوص لا ضرر، فهل بالإمكان أن نطبق كلامه هذا في خصوص قاعدة لا حرج؟ و الجواب: كلّا، لأنّ محلّ الكلام هنا مباين لما هو عليه من قاعدة لا ضرر، و التعبير هناك في قاعدة لا ضرر يبتني على أساس نفي الحقيقة، و أمّا هذه القاعدة فتفيد الإخبار عن عدم الحكم. و الإخبار عن عدم الحكم هو من مهامّ اللَّه تبارك و تعالى، كما أنّ ثبوت الحكم أيضاً هو من مهامّ الباري عزّ و جلّ. و هذا بخلاف ما لو اريد طرح موضوع من المواضيع على نحو نفي الحقيقة، فيأتي الكلام فيه: هل هذا النفي للحقيقة على نحو الحقيقة، أو على نحو المجاز و المسامحة؟ و الكلام في قاعدة لا حرج يلحظ فيه نفي الحقيقة من الأساس. و الحاصل أنّ اللَّه سبحانه و تعالى يريد أن يخبرنا بعدم الجعل. و يظهر من خلال ذلك أنّ رأياً واحداً من مجموع الأربعة الآراء التي استعرضناها يمكن أن ينطبق على قاعدة لا حرج بطريق أولى و أوضح من انطباقه