إن قيل: نعم، و لكن وحدة كل علم في حد نفسه و تميزه عن غيره يدور مدار وحدة الموضوع و وجوده، فلا بد له من هذه الجهة.
فإنه يقال: لا ريب في أن الوحدة لا تنحصر بوحدة الموضوع، و يمكن اعتبار الوحدة فيه بأي وجه أمكن ذلك، كما في الوحدات الاعتبارية الملحوظة في سائر المركبات المختلفة الأجزاء.
و كذا يمكن تمييزه بالغرض و نحوه مما يصلح لاستناد التمييز الاعتباري إليه.
ثم إن المبادئ إما تصورية، و هي تصور الاصطلاحات الشائعة في العلم قبل الشروع فيه. أو تصديقية، و هي التصديق بثبوت المحمولات المسلّمة الثبوت لموضوعاتها الدائرة في العلم قبل الشروع فيه، و يزيد في علم الاصول مبادئ اخرى اصطلحوا عليها بالمبادئ الأحكامية، و هي عبارة عن الأحكام المنسوبة إلى الشارع- تكليفية كانت أو وضعية- و ترجع إما إلى المبادئ التصورية، أو التصديقية، و ليست خارجة عنهما، كما هو واضح.
[الأمر الثالث: تعريف المسألة الاصولية، الفرق بينه و بين القاعدة الفقهية]
المسألة الاصولية: ما تقع كبرى في طريق تعيين الوظيفة، بلا فرق بين الأمارات و الاصول العملية و غيرهما. فيقال مثلا: هذا أمر، و كل أمر ظاهر في الوجوب، فهذا ظاهر في الوجوب، و كما يقال: هذا خبر موثوق به، و كل خبر موثوق به حجة، فهذا حجة، أو يقال: هذا مجهول الحكم، و كل مجهول الحكم يرجع فيه إلى البراءة العقلية و النقلية، فهذا مما يرجع فيه إليهما، إلى غير ذلك.
و جميع تلك المسائل لا بد أن تثبت بالأدلة اللفظية في الاصول، و قد وضع هذا العلم لذلك.