لم يكن لبحث الترتب في كلمات القدماء عين و لا أثر، و إنما حدث عند متأخري المتأخرين و قد كتبت فيه رسائل، و كانت المسألة نظرية و كان الغالب على الكلمات الامتناع. و لكن المعروف في هذه الأعصار و ما قاربها الجواز.
و الترتب: عبارة عن صحة تصوير أمرين فعليين بالضدين- الأهم و المهم- في آن واحد- و هو آن قبل الإتيان بالمهم- و صلاحية كل منهما للداعوية، فيصح إتيان كل منهما فعلا بداعي الأمر الفعلي، و يتحقق الامتثال حينئذ، كما في سائر الموارد التي يمتثل فيها الأمر مع عدم تزاحم في البين.
و النزاع في الترتب إنما هو في مقام الامتثال و قدرة المكلف فقط، لا في مقام الجعل و الثبوت، إذ لا إشكال من أحد في صحة جعل المتزاحمين خطابا و ملاكا. فيصير أصل هذه المنازعة لفظيا، فمن يثبت قدرة المكلف على الامتثال يقول بوقوع الترتب لا محالة، و لكنه معترف بالامتناع مع عدم القدرة، و من يثبت عدم القدرة على الامتثال لا مناص له إلا القول بالامتناع، و هو معترف بالوقوع مع القدرة.
شروط الترتب:
يعتبر في صحة الترتب و وقوعه امور، و مع اختلال أحدها لا يبقى موضوع للصحة فضلا عن الوقوع، و هي:
الأول: وجود الملاك في كل واحد من المتزاحمين ثبوتا، و تمامية الحجة