الجهة الثانية: في إجزاء الإتيان بالمأمور به الاضطراري عن التكليف الواقعي [تفضيل الكلام فيه]
النفس الآمري عند رفع الاضطرار. و يمكن إدخال هذه الجهة، و الجهة الآتية في ما مر من الجهة الاولى بالنسبة إلى الأمر الواقعي بأن يقال: إن امتثال الأمر الواقعي بما له من الأطوار، و البروز و الشئون و عرضه العريض، يجزي عن الواقع، و لا ريب في أن الأوامر الاضطرارية و الظاهرية من أطوار الواقع، فلا تصير جهات البحث متعددة حينئذ. و كيف كان، فالاحتمالات الثبوتية فيها خمسة:
الأول: سقوط الواقع بالمرة خطابا و ملاكا فعلا في موارد الاضطرار، فلا واقع إلا ما استفيد من أدلة التكاليف العذرية، لأن الشارع مسلط على مجعولاته- وضعا و رفعا، و إتماما و تنقيصا- و لا محذور فيه من عقل أو شرع، و لكن مع بقاء الواقع على الشأنية و الاقتضاء في الجملة.
الثاني: وجود الواقعي الأولي و تطابق مصلحته مع الواقعي الثانوي من كل حيثية و جهة، لكن طولا لا عرضا حتى يلزم التخيير، و على نحو الاقتضاء لا الفعلية حتى يلزم تحصيلها.
الثالث: نفس الصورة مع لزوم تداركها.
الرابع: هذه الصورة مع استحباب التدارك.
الخامس: هذه الصورة مع عدم إمكان التدارك.
و هذه كلها صور فرضية في مقام الثبوت، و يمكن أن يمثل لها بفروع فقهية قد تعرضنا لها في مهذب الأحكام في موارد مختلفة.
و أما في مقام الإثبات فمقتضى إطلاقات أدلة التكاليف العذرية و الاضطرارية، و تسالم العلماء على حكومتها بالنسبة إلى الواقعيات الأولية و سهولة الشريعة المقدسة هو القسم الأول، إذ لا معنى للحكومة المتسالمة بينهم إلا تنزيل التكاليف الاضطرارية منزلة الواقعيات الأولية و إسقاطها عن الفعلية