و ما يقال: من أن التوقف ذكر في خبر سماعة قبل المرجح الذي هو المخالفة للعامة، و في المقبولة ذكر بعد تمام المرجحات، فيتعارضان من هذه الجهة.
مدفوع: بأن ما ذكر في خبر سماعة هو التوقف عن العمل لأجل الفحص و الظفر بالمرجح، و ما ذكر في المقبولة هو التوقف بعد الظفر به و اليأس عن غيره، فلا ربط لأحدهما بالآخر حتى يثبت التعارض.
و الحاصل: أنه ليس في أخبار التوقف ما يخالف بناء العقلاء و سيرتهم في المتعارضين.
و منها: ما دل على الأخذ بما وافق الاحتياط [و ردّه]
. و فيه: مضافا إلى معارضته بالمقبولة و غيرها، و إلى أنه قد يكون المورد مما لا يمكن فيه الاحتياط، و إلى أنه خلاف المشهور، و خلاف سهولة الشريعة، أنه إرشاد إلى حسنه و لا يستفاد منه أكثر من ذلك، فليس فيه أيضا ما يخالف بناء العقلاء و سيرتهم.
و منها: ما يدل على التخيير- [و الجواب عنه]
و هي عدة روايات يأتي بعضها- ففي مرسل الاحتجاج عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام): «إذا سمعت من أصحابك الحديث و كلّهم ثقة فموسّع عليك حتّى ترى القائم فترد عليه»، و في مرسله الآخر عن الرضا (عليه السّلام):
«قلت: يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين، فلا نعلم أيّهما الحقّ، فقال (عليه السّلام): إذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت».
و فيه: أن التخيير بحسب المرتكزات إنما هو في مورد التحير المطلق، و هو منتف مع المرجح، فتختص بصورة فقد المرجح، فلا تشمل مورد تحقق الترجيح و لهذه القرينة الارتكازية المحفوفة بها، فلا إطلاق لها حتى يعارض بها المقبولة و نحوها مما يدل على الترجيح. فلا وجه لحمل ما يدل على الترجيح على الندب.