ثم إن المعروف في الثمرة بين النسخ و التخصيص، أن أثر التخصيص خروج الخاص عن حكم العام رأسا، و النسخ ارتفاع الحكم عن المنسوخ من حين ظهور النسخ. و إثبات الكلية لهذه الثمرة يحتاج إلى الدليل، و هو مفقود.
و مما لا مناسبة له بالاصول ما تعرض له القوم في المقام و هو مسألتا النسخ و البداء، و لا بد أن ينقح الكلام فيهما في غير المقام، و إنما تعرضنا لهما تبعا لهم.
النسخ
مما تعارف في جميع القوانين النسخ- و قد اصطلح عليه في ما قارب هذه الأعصار ب (إلغاء القانون)، و لم تخرج القوانين الإلهية عما تعارف بين البشر من الكيفيات و الخصوصيات- من العام و الخاص، و المطلق و المقيد، و المجمل و المبين، و الناسخ و المنسوخ إلى غير ذلك- و لو قيل بأن هذه الامور من لوازم جعل القانون لم يكن به بأس-. فلا ريب في وقوعه، و قد دلّت الأدلة الثلاثة من الكتاب و السنة و الإجماع عليه في الجملة أيضا، و إنما الكلام في حقيقته و عمدة الوجوه المحتملة فيه خمسة:
الأول: ظهور خلل في الحكم المنسوخ، و علم مستأنف ببعض خصوصياته مسبوقا بالجهل، بحيث لو علم به ابتداء لم ينشأ الحكم المنسوخ البتة.
الثاني: إبداء القانون بصورة الدّوام لمصلحة في نفس الأمر، أو من دون مصلحة في المجعول و المتعلق، بل لمحض المصلحة في الإنشاء الصوري فقط، ثم تبدل المصلحة الظاهرية بمصلحة اخرى واقعية في المتعلق تقتضي نسخ ما أنشأ أولا، نظير التكاليف الصورية الامتحانية.
الثالث: كون المصلحة الموجودة في المتعلق محدودة بحدّ خاص في