فالمتبع هو القرائن المعتبرة داخلية كانت أو خارجية، فقد تدل على الرجوع إلى الكل، و قد تدل على الرجوع إلى البعض، و قد يظهر منها الإجمال، و مع عدمها فالمتيقن الرجوع إلى الجملة الأخيرة لو لم يكن الكلام مجملا، و ليس في البين قاعدة كلية يحكم بها بالرجوع إلى الكل أو البعض أو الإجمال.
و أما ما قيل: من أنه مع وحدة الفعل يرجع إلى الجميع، كأكرم الفقهاء و السادات و الزهاد إلا الفساق، و مع تكرار الفعل الواحد أو تعدده فيرجع إلى الأخيرة، فلا ريب في أنه من القرائن في الجملة. و لكن لا كلية فيه بحيث تكون قاعدة كلية تنفع في جميع موارد الشك.
تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد
استقرت السيرة من عصر الأئمّة (عليه السّلام) على تخصيص عمومات الكتاب و تقييد إطلاقاته بما اعتبر من خبر الواحد، و ذلك لما ارتكز في الأذهان من تقديم القرينة على ذيها، و الأظهر على الظاهر. و الخبر المعتبر- الذي يصلح للتقييد و التخصيص- قرينة على بيان المراد من عمومات الكتاب و إطلاقاته، و أظهر بالنسبة إليهما فلا بد من تقديمه عليهما، و لو لا ذلك لانسد باب الاجتهاد و لزم طرح جملة كثيرة من الأخبار.
و ما استشكل في المقام ليس إلا شبهة في مقابل البديهة. مثل: أنه لو جاز التخصيص و التقييد لجاز النسخ أيضا، و لا ريب في بطلانه، و لأن الخبر ظني الصدور، و الكتاب قطعي الصدور، و لا وجه لتقديم الظني على القطعي، و للأخبار المستفيضة الواردة في أن ما خالف قول ربنا لم نقله أو زخرف، أو يضرب على الجدار.
و الكل باطل .. أما الأول: فلأنه لا ملازمة بينهما لا شرعا و لا عقلا و لا عرفا مع الفرق الواضح بين التخصيص و النسخ، فإن الأول خروج بعض الأفراد عن