ثم إن النزاع في حجية المفهوم صغروي فقط، بمعنى أنه هل يكون للجملة الشرطية- مثلا- مفهوم أو ليس لها مفهوم؟ و ليس نزاعا كبرويا، بمعنى أنه هل يكون المفهوم حجة أو لا؟ لأن بناء العقلاء على اعتباره على فرض ثبوته، فلا يكون مورد البحث من هذه الجهة.
و لنا أن ندخل مباحث المفاهيم مطلقا في مباحث الملازمات العقلية غير المستقلة، لحكم العقل بثبوت المفهوم إن ثبت كون القيد علة تامة منحصرة للحكم، و عدم حكمه كذلك، بل حكمه بالعدم مع عدم ثبوت العلية التامة المنحصرة، فالجامع بين جميع المفاهيم ليس إلا ذلك.
الرابع: [تاسيس الاصل فى المسألة الاصولية و المسألة الفرعية]
لا أصل في المسألة الاصولية يتمسك بها إلا بناء على جريان الأصل في الأعدام الأزلية، و أما في المسألة الفرعية فإن كان في البين أصل موضوعي فهو المرجع، و إلا فيرجع إلى أصالة البراءة، فتكون النتيجة متحدة مع ثبوت المفهوم و هو انتفاء الحكم.
[عدد المفاهيم]
ثم إن المفاهيم كثيرة، و قد أنهاها في كشف الغطاء إلى عشرين، و لكن المعروف منها عند الاصوليين ستة: مفهوم الشرط، و الوصف، و الغاية، و الحصر، و اللقب، و العدد.
و الضابطة الكلية في تحقق المفهوم في الجميع تحقق العلية التامة المنحصرة لما ذكر موضوعا في المنطوق، فمع تحققها لا شبهة في تحقق المفهوم، و مع عدم العلية، أو عدم التمامية، أو عدم ثبوت العلية التامة المنحصرة لموضوع الحكم المذكور في المنطوق بالنسبة إليه و عدمه، فلا وجه للمفهوم أصلا، و استظهار ذلك لا بد أن يكون من العرف و المحاورات.
ثم إن الحاكم بثبوت المفهوم بعد الاستظهار إنما هو العقل، و لهذا أمكن إدراج هذه المباحث في العقليات غير المستقلة كما عرفت، و لكن ذكرناها في مباحث الألفاظ تبعا للقوم، مع أنها بحسب الأنظار العرفية من سنخ الدلالات اللفظية.