تطرأ على اللّفظ أحوال: كالاشتراك، و النقل، و الإضمار، و غيرها، فلو دار الأمر بينها فهل يوجد لبعضها مرجِّح على الآخر، أو لا؟
فنقول: لا شبهة في أنّه ليس هنا أصل شرعي يرجع إليه في تقديم أحدها على الآخر، و لا عقلي، و حينئذٍ فالمهمّ الذي ينبغي التعرُّض له أمران:
الأمر الأوّل: أنّه لا ريب في استقرار بناء العقلاء على العمل بالظواهر كلّها، لكن هل هو لأجل أصالة الحقيقة، أو أصالة الظهور، أو أصالة عدم القرينة، أو أصالة العموم، أو الإطلاق، أو أنّ المقامات مختلفة، ففي بعضها مبناهم هو أصالة الحقيقة، و في بعضها أصالة الظهور أو غيرها؟
الظاهر أنّه لأجل أصالة الظهور في جميع الموارد لاطّرادها و جريانها في جميعها دون غيرها من الاصول اللّفظيّة المذكورة.
و توضيح ذلك يحتاج إلى بيان مقدّمة: و هي أنّه لو وجد في الكلام ما يصلح للقرينيّة- متّصلًا به أو منفصلًا- لصرف ظهور الكلام، فظهور القرينة: إمّا مساوٍ لظهور ذي القرينة، كما في قولنا: «رأيت أسداً في البلد»، فإنّ «الأسد» ظاهر في الحيوان المفترس، و كلمة «في البلد» ظاهرة في الرجل الشجاع، أو أنّ ذا القرينة أظهر من ظهور القرينة، كما في «رأيت أسداً في البادية» أو بالعكس، كما في «رأيت أسداً في الحمّام» و حينئذٍ فإذا قيل: «رأيت أسداً يرمي» فهذا الكلام بمجموعه ظاهر في إرادة الرجل الشجاع، فإنّ أصالة الظهور فيه متحقِّقة، بخلاف أصالة الحقيقة أو أصالة عدم