أقول: قد تقدّم الإشكال فيه بأنّه مسبوق بالتبادر و استكشاف الوضع- حينئذٍ- إنّما هو به، لا من صحّة الحمل.
و قال بعض الأعاظم (قدس سره): إنّ المناط في علاميّة صحّة الحمل للحقيقة و الملاك فيه هو سلب الشيء عن النفس، و مهّد لذلك مقدّمة هي:
أنّ الوجود على أنحاء: الوجود في العين، و الوجود في اللّفظ، و الوجود في الذهن، و الوجود في الكتابة. و الأوّل واضح.
و الثاني: فَلِما قيل من أنّ حقيقة الأشياء توجد في الذهن بأنفسها. و أمّا الأخيران فلفناء اللّفظ و الكتابة في المعنى عند الإلقاء إلى المخاطب، فكأنّ المُلقى إليه نفس المعنى.
إذا عرفت هذا فاعلم: أنّ المراد بصحّة الحمل في علاميّته للحقيقة هو حمل اللّفظ- بما أنّه لفظ- على المعنى، فصحّته علامةُ أنّه موضوع له، لا حمل اللّفظ بما له من المعنى، و كذلك عدم صحّة الحمل.
فإذا اريد أن يعلم أنّ لفظ «الإنسان» موضوع لطبيعته أو لا، يجعل طبيعة الإنسان موضوعاً، ثمّ يحمل لفظ «الإنسان»- بما أنّه لفظ- عليه، فإن وجد صحيحاً كشف عن أنّه موضوع له، و إلّا فلا.
و فيه ما لا يخفى: إذ لا يعقل حمل اللّفظ- بما انه لفظ- على المعنى، و لذا لو قيل:
«زيد لفظ الإنسان» وجدته غلطاً. و العجب أنّه (قدس سره) ادّعى أنّ مراد صاحب «الكفاية» أيضاً ذلك، مع تصريحه بخلافه؛ حيث قال: ثمّ إنّ عدم صحّة سلب اللّفظ بمعناه المعلوم المرتكز في الأذهان إجمالًا [1] ... إلى آخره.
و ظهر ممّا ذكرنا سابقاً: من أنّ عدم صحّة السلب أو صحّة الحمل دائماً مسبوق بالتبادر و أنّه لا تصل النوبة إلى الاستكشاف بصحّة الحمل حال علاميّة صحّة السلب