و أمّا توهّم أنّ الألفاظ موضوعة للمعاني المرادة [1]: فإن اريد بها المعاني المقيّدة بالإرادة النفسانيّة التي يحمل عليها مفهوم الإرادة بالحمل الشائع؛ لأنّ الإرادة النفسانيّة جزئيّة؛ لأنّه لا بدّ في تحقّقها و تحقّق مبادئها- من الشوق و الخطور و غيرهما من المبادئ- من متعلَّقٍ؛ لامتناع تحقّقها كُلّيّةً بدون المتعلّق، فهو ليس مُراد القائلين بهذا القول.
و إن اريد أنّ الموضوع له لها مقيّد بالإرادات العرضيّة بملاحظة الواضع مفهوم الإرادة و تقييده المعنى الموضوع له بالإرادات الجزئيّة الخارجيّة العرضيّة؛ لما له نحو حكاية عنها، فهذا- أيضاً- ليس مراد القائلين بهذا القول قطعاً.
و حينئذٍ يمكن أن يقال: إنّ مراد القائلين بهذا القول: هو أنّ للمعنى الموضوع له نحوَ تضيّقٍ ناشٍ من ناحية الواضع، فإنّ الوضع من الأفعال الاختياريّة المسبوقة بمبادئ الإرادة، و من مبادئها تصوّر غاية الوضع، التي هي عبارة عن إفهام المخاطَب ذلك المعنى بهذا اللّفظ، فالمعاني الموضوع لها متقيّدة ذاتاً بكونها مرادة في نفس الأمر، لا أنّ الواضع قيَّدها بالإرادة، و هذا نظير وضع الأعلام الشخصيّة كزيد، فإنّ لذاته المشخّصة حدّاً خاصّاً معيَّناً ذاتاً بحسب الطول و العرض، مع أنّ الواضع لم يلاحظ ذلك حين وضعَ لفظ «زيد» له ليكون هذا القيد للموضوع له.
و حينئذٍ: فيمكن أن يريد القائل بأنّ الألفاظ موضوعة للمعاني المرادة هو ذلك المعنى، و عليه فالإشكالات- التي أوردها في «الكفاية» على هذا القول- بين ما ليس بوارد و بين ما لا يضرّ، و ليس تالياً فاسداً:
أمّا الأوّل: كلزوم تقدّم الشيء على نفسه لو كان الموضوع له مقيّداً بالإرادة [2]؛