الإتيان به ثانياً لأجل أنّه لا داعي له إلى ذلك؛ لرفع العطش بالأوّل، لا لأنّ فعل الشرب علّة لعدم فعله ثانياً؛ لأنّ علّيّة الشيء الوجودي للأمر العدمي غير معقول، و الإرادة التشريعيّة أيضاً كذلك، فالإجزاء و عدم وجوب فعله ثانياً في المقام، إنّما هو لانتفاء أمد الإرادة، لا لأنّ فعله أوّلًا علّة لعدم طلبه و إرادته ثانياً.
الأمر الرابع
جعل الإجزاء هنا بمعناه اللّغوي- أي بمعنى الاكتفاء- غير صحيح مع القول بأنّ معنى الاقتضاء هو العلّيّة و التأثير، كما صنعه في «الكفاية» [1]؛ لأنّه لا معنى لعلّيّة الإتيان للاكتفاء به و تأثيره فيه، بل الأولى أن يعنون البحث هكذا: هل الإتيان بالمأمور به على وجهه مجزٍ أو لا؟ بإسقاط لفظ الاقتضاء، و على فرض ذكره فلا بدّ من التصرّف في معنى الإجزاء.
الأمر الخامس
لا ارتباط بين هذه المسألة و مسألة المرّة و التكرار، و لا بينها و بين مسألة أنّ القضاء تابع للأداء أو بفرض جديد:
أمّا الأوّل: فلأنّ مسألة المرّة و التكرار إنّما هي في دلالة اللّفظ الصادر من المولى، و أنّه هل يدلّ على المرّة أو التكرار لو فرض أنّه لفظي؟ أو أنّ العقل هل يدلّ على المرّة أو التكرار لو فرض أنّه عقلي؟ بخلاف ما نحن فيه، فإنّ النزاع فيه في أنّ الإتيان بالمأمور به هل هو مُجزٍ عقلًا أو بالدلالة اللّفظيّة أو لا فلا ارتباط بينهما.
و أمّا الثاني: فهو أوضح؛ لأنّ البحث في هذه المسألة- كما عرفت- في إجزاء الإتيان بالمأمور به عن فعله ثانياً؛ أداءً في الوقت و قضاءً في خارجه، بخلاف مسألة أنّ