ثمّ إنّه على القول بالفور هل المستفاد من الأمر لزوم الإتيان بالمأمور به فوراً ففوراً؛ بمعنى أنّه لو خالف الفور في الزمان الأوّل وجب في الزمان الثاني و هكذا، أو أنّ مفاده وجوب الفور في الزمان الأوّل، فلو خالف لم يجب الإتيان في الزمان الثاني؟
قد يقال بالأوّل [1]، لكنّه فاسد؛ لأنّ الفوريّة؛ إمّا مستفادة من نفس الأمر، أو من دليل خارج عنه، و شيء منهما لا يدلّ على ذلك:
أمّا على الأوّل: فلأنّ دليل القائلين بالفور هو أنّ العلل الشرعيّة كالعلل التكوينيّة [2]، فعلى فرض تسليمه فمعنى عدم انفكاك المعلول عن علّته، هو لزوم فعل المأمور به فوراً، فإن لم يفعله كذلك، و تخلّف المعلول عن علّته، فوجوب فعله في الزمان الثاني لا وجه له؛ لأنّ الأمر لا يدلّ عليه لا بمادّته و لا بهيئته.
و على الثاني: فقد عرفت أنّه لو سلّم دلالة الآيتين على الفور، فلا دلالة لهما على وجوب الفعل في ثاني الحال لو ترك الفور؛ لا بمادّتهما و لا بهيئتهما، فأين الدلالة على ذلك؟!