إلى المخاطب، و كذلك المخاطب غير متوجّه إلى اللّفظ، بل إلى المعنى فقط، فهو أيضاً ممنوع؛ لأنّ جعل اللّفظ آلةً لإفهام المعنى- الذي هو معنى الاستعمال- يتوقّف على لحاظ اللّفظ و لو بنحو الارتكاز، و إلّا لم يمكن جعله آلةً لإفهامه.
الثاني: ما أفاده بعض المحقّقين- صاحب الحاشية على الكفاية-: و هو أنّ الألفاظ قوالب لمعانيها، فاستعماله في المعنى عبارة عن جعله قالباً له، و يمتنع جعل اللّفظ الواحد قالباً لمعنيين [1].
و فيه: أنّا لا نسلِّم أنّ الاستعمال عبارة عمّا ذكره، بل ما عرفته مفصّلًا، و لا نعيده.
الثالث: أنّ الاستعمال عبارة عن إيجاد اللّفظ حقيقةً، و إيجاد المعنى تنزيلًا، فوجود اللّفظ خارجاً وجود طبيعي لماهيّة اللّفظ و وجود تنزيلي للمعنى، فاللّفظ المشترك لو اطلق و استعمل في كلٍّ من معنييه أو معانيه بلحاظٍ يخصّه، لزم أن يكون وجود اللّفظ الحقيقي في الخارج وجودين تنزيليين لمعنيين أو وجودات تنزيليّة لمعانٍ، و هو ممتنع، كامتناع صيرورة وجودٍ واحدٍ وجوداً واحداً بالذات لماهيّتين أو ماهيّات متعدّدة [2] انتهى.
و لا يخفى ما في هذا الاستدلال أيضاً؛ لأنّا لا نُسلِّم أنّ الاستعمال عبارة عمّا ذكره، و هو مجرّد دعوى لا شاهد عليها، و قد عرفت معناه.
الرابع: أنّه لا شبهة في استحالة صدور لحاظين أو لحاظات متعدّدة من النفس في آنٍ واحد؛ إمّا لأنّ الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد، و إمّا لقصور النفس و عدم قدرتها على ذلك، و استعمال اللّفظ في أكثر من معنىً واحد يستلزم ذلك، و ما يلزم منه