و لكن يمكن دفع الإشكال: بأنّ احتمال الاختلاف بين المتبادر من لفظ الصلاة في هذا الزمان و بينه في الزمان السابق، بدوي يرتفع بأدنى تتبّع في الأخبار و الآيات المنزلة في أوائل البعثة، بل دعوى القطع باتّحادهما غير مُجازفة؛ فإنّ أصحاب النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و الأئمّة كانوا لا يفهمون من لفظ الصلاة إلّا ما يفهم منها في هذا العصر، فهذا الإشكال غير وجيه.
نعم استشكل فيه بوجهين آخرين:
الأوّل: أنّ الخطابات الواردة في الكتاب و السنّة ليست في مقام البيان، بل في مقام أصل التشريع و جعل القانون إجمالًا، كما هو المُتعارف بين المُقنِّنين من العرف و العقلاء؛ من جعل القوانين أوّلًا، ثمّ تفصيلها و ذكر الفصول و المستثنيات، و التمسّك بالإطلاق إنّما يصحّ إذا كان المتكلِّم في مقام البيان، و حينئذٍ فلا يصحّ الأخذ بالإطلاق على الأعمّ أيضاً لنفي الجزئيّة أو الشرطيّة المشكوكتين [1].
و قد يجاب عن هذا الإشكال: بأنّه يكفي الإطلاق التعليقي في ظهور الثمرة؛ بأن يقال: لو فرض أنّ الإطلاقات في مقام البيان جاز التمسّك بها على الأعمّ، دونه على الصحيح [2].
و الحقّ في الجواب: هو أنّ دعوى ورود جميع الخطابات في الكتاب و السُّنّة في مقام الإجمال و الإهمال، لا في مقام البيان، مجازفة جداً؛ لأنّ جُلّ الخطابات الشرعيّة واردة في الكتاب و السُّنّة في مقام البيان، كقوله تعالى: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ»[3] الآية، فلو فرض أنّ للصوم معنىً معيّناً مبيَّناً عند العرف، كالإمساك عن الأكل و الشرب و نحوهما- مثلًا- و شُكَّ في أنّ الإمساك عن شرب التتن واجب أيضاً