مضافاً إلى أنّه يمكن منع دعوى تبادر هذا العنوان البسيط المستكشف بالآثار- على ما ذكره في «الكفاية»- من جهة اخرى هي أنّ هذه الآثار إنّما هي للوجود لا الماهيّة، فهي متأخّرة عن الوجود، و الوجود متأخّر عن الماهيّة، فتلك الآثار متأخّرة عن الماهيّة بمرتبتين، و معه كيف يمكن دعوى أنّ المتبادر هو الماهيّة الغير المعلومة ذاتاً، بل بالآثار المتأخّرة عنها بمرتبتين؟!
في الاستدلال بصحّة السلب عن الفاسدة
و استدلّ لهذا القول أيضاً بوجوه اخر:
منها: صحّة السلب عن الفاسدة و صحّة الحمل على الصحيحة؛ لأنّه مع الإخلال بجزء أو شرط يصدق عليها أنّها ليست بصلاة، و بانضمام أنّ صحّة السلب المذكور يستلزم وضعها للصحيحة يثبت المطلوب.
و بعبارة اخرى: الأمر في المقام دائر بين وضعها للصحيحة أو الأعمّ، فنفي أحدهما مستلزم لثبوت الآخر.
و يشكل بأنّه (قدس سره) صرّح فيما سبق: أنّ المراد صحّة سلب اللّفظ بما له من المعنى الارتكازي، و حينئذٍ فإن أراد سلب لفظ الصلاة عن الفاسدة مع قطع النظر عن العناوين المعرِّفة لها، كالنهي عن الفحشاء، فلا معنى له؛ لأنّ المفروض عدم العلم بماهيّة الصلاة إلّا بهذه العناوين و الآثار، فمع قطع النظر عن تلك الآثار ليس هنا معنىً معلوم يجعل موضوعاً و يسلب عنه اللّفظ بما له من المعنى.
و إن أراد سلبه منها بملاحظة هذه العناوين- بأن يقال: المعنى الملازم للناهي عن الفحشاء ليس بصلاة- فهو صحيح، لكن لا يثبت به الوضع للصحيح؛ لأنّ سلب العنوان الأخصّ لا يستلزم سلب الأعمّ [1].
[1]- و يمكن أن يقال: إنّ المراد سلب لفظ الصلاة بما لها من المعنى الارتكازي- الذي لا يُعلم حقيقته إلّا بالآثار- عن الفاقدة لبعض الأجزاء و الشرائط، فإنّ هذا السلب صحيح، فيثبت أنّها مجاز في الفاسدة، و بضميمة المقدّمة- أي الدوران المذكور- يثبت أنّها موضوعة للصحيحة، و لا يرد عليه الإشكالات حينئذٍ.