بالحمل الشائع، لزم أن يكون الموضوع له فيها خاصّاً، و لا يلتزم به المستدلّ، و إن اريد به تبادر مفهوم الصحيح بالحمل الأوّلي فلا معنى له، اللَّهمّ إلّا أن يريد بالصحيح التماميّة مسامحة، كما مرّ.
و بالجملة: لا ربط للصحّة و الفساد بالمقام.
و استدلال صاحب «الكفاية» بذلك [1] لا يُناسب مذهبه من عموم الموضوع له فيها و أنّ الموضوع له ماهيّة بسيطة ليست معروفة بنفسها، بل بالآثار و الخواصّ [2].
و دعوى تبادر مفهوم الناهي عن الفحشاء أيضاً لا تلائم مذهبه المذكور، فإنّ الناهي عن الفحشاء ملازم للعنوان البسيط المذكور لا نفسه، و التبادر علامة كون اللّفظ حقيقة في المتبادر، لا في لازمه.
و دعوى تبادر ذلك العنوان البسيط المستكشف بالآثار أيضاً غير معقولة؛ لاعترافه (قدس سره) بأنّه مجهول الكُنه و الحقيقة، و معه كيف يمكن دعوى تبادره؟! فإنّه عبارة عن انسباق معنىً من المعاني من اللّفظ إلى الذهن و مع مجهولية ذلك المعنى بكُنهه كيف يمكن دعوى ذلك؟
و منشأ الاشتباه في هذا المقام هو الخلط و عدم التمييز بين التبادر و غيره؛ إذ قد يسبق معنىً من المعاني من لفظ إلى الذهن عند الإطلاق بسبب الانس الحاصل بكثرة الاستعمال فيه، كتبادر فرد من أفراد الإنسان من لفظه، و كانسباق الجود من لفظ «حاتم» مع أنّه ليس من التبادر الذي هو علامة للحقيقة، و قد يتبادر من اللّفظ معناه الحقيقي، و لسرعة الانتقال منه إلى فرد خارجي يُتخيّل أنّ المتبادر هو الفرد الخارجي، و ليس كذلك، فليس كلّما سبق معنىً من لفظ إلى الذهن هو علامة للحقيقة، بل الذي هو علامة للحقيقة هو التبادر الناشئ من حاقّ اللّفظ.