نام کتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن نویسنده : السيد الشريف الرضي جلد : 1 صفحه : 163
المحمّاة بالجحيم. فوصف سبحانه العذاب الغليظ، لأنه واقع بالأشياء الغليظة، و الآلات الثقيلة، فيكون ذلك مجازا من هذا الوجه.
و مما يقوّى أن المراد بقوله تعالى: وَ نَجَّيْنََاهُمْ مِنْ عَذََابٍ غَلِيظٍ عذاب الآخرة، قوله تعالى: وَ لَمََّا جََاءَ أَمْرُنََا نَجَّيْنََا هُوداً وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنََّا[1] و هذه النجاة من عذاب الدنيا. ثم قال تعالى: وَ نَجَّيْنََاهُمْ مِنْ عَذََابٍ غَلِيظٍ فدلّ على أن النجاة من العذاب الأول غير النجاة من العذاب الآخر. و أن الأول عذاب الدنيا، و الثاني عذاب الآخرة، لأن العطف بالواو يقضى بذلك، و إلاّ كان وجه الكلام: فلما جاء أمرنا نجّينا هودا و الذين آمنوا معه برحمة منا من عذاب غليظ، و لم يكن لقوله تعالى:
وَ نَجَّيْنََاهُمْ ثانيا معنى.
و قوله سبحانه حاكيا عن لوط عليه السلام: قََالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلىََ رُكْنٍ شَدِيدٍ [80]و هذه استعارة و المراد بها: لو كنت آوى إلى كثرة من قومى، و عدد من أهلى. و جعلهم ركنا له، لأن الإنسان يلجأ إلى قبيلته، و يستند إلى أعوانه و منعته، كما يستند إلى ركن البناء الرصين، و النضد الأمين [2] .
و جاء جواب لو هاهنا محذوفا. و المعنى، لو أننى على هذه الصفة لحلت بينكم و بين ما هممتم به من الفساد و أردتموه من ذنوب فحشاء. و الحذف هاهنا أبلغ، لأنه يوهم المتوعّد بعظيم الجزاء، و بغليظ النكال، و يصرف وهمه الى ضروب العقاب، و لا يقف به عند جنس من أجناس المخوفات المتوقعات.