256-الحاج ملاّ جعفر الأبادهي الفارسي الأصفهاني‌

كان من فحول العلماء المجتهدين، و مشاهير المروّجين لشريعة سيد المرسلين. كان متبحّرا في العلوم الإسلامية، إماما في العلوم العربيّة، نحويّا لغويّا، محدّثا رجاليّا، فقيها جعفريّا، قلّ نظيره في عصره، كثير الإتقان، ساطع البرهان، مسلّم عند الخاص و العام، غير مدافع في فضله و تبرّزه، ذو حافظة غريبة.

كان-رحمه اللّه-ربّما ذكرت المسألة النحويّة فيتلوها بألفاظها من شرح الرضي على ظهر الغيب. و هكذا إذا كانت لغويّة، أملى ما في القاموس بحروفه، و هكذا إذا كانت فقهيّة، ذكر عبارات الفقهاء بألفاظهم. و كان من قوّة حافظته أنه يتلو ألفيّة ابن مالك على العكس من آخرها إلى أولها.

كان في جميع أحواله أعجوبة زمانه حتى في خلقته و صورته. كان طويل القامة، عظيم الهامة، عظيم الشفتين، كبير الأنف جدا، صغير العينين، أسمر اللون جدّا. أمّه أمة سوداء، و هو مع ذلك هشّ بشّ كثير اللّطائف، حسن المحاضرة، يحفظ من شعر العرب القصائد و الأراجيز.

كان أخصّ الناس بحجّة الإسلام السيد محمد باقر، و ثنيت له الوسادة بعده في الرئاسة. رأيت له المجلّد الثالث من كتاب نقود المسائل الجعفريّة، و هي كتاب الزكاة و الخمس و الصوم بالفارسيّة بطريق الاستدلال و أدلّة. و لم أر له غيرها. و قد سمعت من بعض الأجلّة أن له مصنّفات كثيرة في المعقول و المنقول تبلغ أربعين مجلّدا لا يحضرني فهرسها [1] .

[1] في الذريعة 24/295، أنه توفّي سنة 1280.