قد تقدم منا ان الواجب التعبدى هو الذى تعتبر فيه المباشرة و الارادة و ان يكون امتثاله بفعل المباح لا المحرم، و التوصلى بخلافه لانه لا يشترط فيه شيء من ذلك فانا لو علمنا ان الواجب الذى أمرنا باتيانه من اى قسم من هذين فهو و اما اذا شككنا في كونه من ايهما فهل الاطلاق يقتضى المباشرة و ان اتيانه عن ارادة و اختيار و ان امتثاله بفعل المباح ام لا، و على تقدير عدم الاطلاق فما ذا يكون مقتضى الاصول العملية، و تحقيق المقام يستدعى التكلم في مقامات ثلث.
المقام الاول:
فى انه هل الاطلاق يقتضى لزوم مباشرة المكلف بنفسه ام لا بل هو اعم من المباشرة و التسبيب و بيان ذلك يستدعى ذكر مقدمات.
المقدمة الاولى:
ان التخيير بين الفعلين اعنى بالمباشرة او بالتسبيب لا بد و ان يكون باعتبار جامع في البين الذى يحصل به غرض الامر في امره كذا من المصلحة و يكون كل من الفعلين محصلا لغرضه و عليه يكون كل من الفعلين مطلوبا له بالاتيان حين عدم الآخر لا انه مقيد او مشروط بعدمه حتى يلزم الدور و يكون احدهما مترتبا على الآخر و كذلك لا يكون الوجوب في كل منهما مطلقا حتى يلزم ان يكون الوجوب تعيينيّا.
المقدمة الثانية:
ان التخيير ربما يكون بين الاشخاص لفعل واحد كما في الواجب الكفائى