و تقرير لما تقدّم من وجوب الاستعاذة باللّه عند نزغ الشّيطان، و أنّ المتّقين هذه عادتهم «إِذََا» أصابهم أدنى لمّة [1] «مِنَ اَلشَّيْطََانِ تَذَكَّرُوا» ما أمر اللّه به و نهى عنه فأبصروا الرّشد و دفعوا الوسوسة؛ } «وَ» أمّا «إِخْوََانُهُمْ» الشّياطين الّذين ليسوا بمتّقين فإنّ الشّياطين «يَمُدُّونَهُمْ فِي اَلغَيِّ» أي يكونون مددا لهم و يزيدونهم فيه؛ و قرئ: «يُمِدُّونَهُمْ» من الإمداد؛ و في الشّواذّ يمادّونهم و المعنى يعاونونهم؛ «ثُمَّ لاََ يُقْصِرُونَ» أي لا يمسكون‌ [2] عن إغوائهم حتّى يصرّوا و لا يرجعوا؛ و قوله: «وَ إِخْوََانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ» كقول الشّاعر:

«قوم إذا [3] الخيل جالوا في كواثبها»

[4] فى أنّ الخبر جرى على غير من هو له، و يجوز أن يراد بالإخوان الشّياطين‌ [5] و يرجع الضّمير إلى الجاهلين فيكون الخبر جاريا على من هو له، و الأوّل أوجه لأنّ إخوانهم في مقابلة الّذين اتّقوا؛ و جاز جمع الضّمير في إخوانهم و الشّيطان‌ [6] مفرد لأنّ المراد به‌ [7] الجنس، فهو كقوله: «أَوْلِيََاؤُهُمُ اَلطََّاغُوتُ» [8] ؛ } «وَ إِذََا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ» مقترحة «قََالُوا لَوْ لاََ اِجْتَبَيْتَهََا» اجتبى الشّي‌ء: إذا [9] جباه لنفسه بمعنى جمعه كقوله: «اجتمعته» أوجبى إليه فاجتباه أي أخذه؛ و المعنى هلاّ اجتمعتها افتعالا من عند نفسك لأنّهم كانوا يقولون: «مََا هََذََا إِلاََّ إِفْكٌ مُفْتَرىً» ، أو هلاّ أخذتها منزلة عليك مقترحة [10] «قُلْ إِنَّمََا أَتَّبِعُ مََا يُوحى‌ََ إِلَيَّ مِنْ رَبِّي» و لست بمفتعل للآيات أو لست بمقترح لها؛ «هََذََا بَصََائِرُ» أي هذا القرآن حجج بيّنة و دلائل واضحة يعود النّاس بها بصراء بعد العمى، أو هو بمنزلة بصائر القلوب.

[1]أصابته من الجنّ لمّة أي مسّ (القاموس) .

[2]ب و ج: يمسّكون، بالتّشديد.

[3]ج و د: إذ.

[4]هـ: +فوارس الخيال لا ميل و لا قزم. و الكواثب جمع كاثبة، و في المجلّد الثّاني من اقرب الموارد: الكاثبة من الفرس: المنسج أو مقدّمه حيث يقع عليه يد الفارس، و قيل: أعلى الظّهر، يقال: «يضعون رماحهم على كوائب خيلهم» ج: كواثب و في التّاج: «قد قيل: ان جمعه أكثاب» قال ابن سيدة: و لا أدرى كيف ذلك (انظر ص 1067) .

[5]هـ: الشّيطان.

[6]د: الشّياطين.

[7]ج: -به.

[8]2/257. (9) . -هـ: أي؛ (خ ل) : إذا. (10) . -د: +لها.