كانت لي مع هذا الكتاب قصة طالت مدّة من الزمن، أفدت خلالها تجارب في مجال التحقيق و البحث و ازددت أيضا معرفة بالناس و خاصّة أهل التحقيق و البحث منهم، و أودّ أن أسجّل بعض ذلك هنا، كي يستفيد منه الآخرون:
كنّا- معاشر أهل العلم- في النجف الأشرف، نعيش منذ سنة (1391) حياة مضطربة جدّا على أثر ما قامت به السلطات الظالمة من تعدّيات جارحة على ساحة الدين و شعائره و مقدّساته، و على المسلمين و أعراضهم و دمائهم و أموالهم، و كانت أعمالهم تستهدف في الواقع ضمائر الناس و وجدانهم و أخلاقهم الفاضلة و أعرافهم الطيّبة أكثر ممّا يمسّ حياتهم المادية. علما بأنّ شعبا حيّا في ثقافته- المتمثّلة في وجدانه و أعرافه- تمكنه الحياة مع الحرمان عن كثير من المادّيات، و يمكنه الصمود أمام التحدّيات، بالتالي سوف يحصل على ما يريد، لكنّ شعبا يفقد أصالته في أعرافه و وجدانه و لا يملك غيرة على مبادئه و لا حميّة على ما يملك من تاريخ و حضارة إنّه معرّض للحرمان حتّى من ثرواته بأسهل طريقة حيث لا يعرف كيف يتصرف فيما يملك، أو بالأحرى: لا يملك العقل الذي يدبّر أمره به، و هذا ما حذّر منه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) حيث قال: