لا يجرى فى الدليل العقلى اذ العقل بعد اجتماع سببين للقطع بشي‌ء عنده او احدهما للقطع بوجوده و الآخر بعدمه و كذا ما يقتضى الظن بالوجود و الظن بالعدم او السّببان المقتضيان لوجوده يلاحظ الكسر و الانكسار بين المقتضيين فيحكم بحصول المرتبة القوية من القطع او الظنّ او يحصل عنده القطع بالوجود او بالعدم او الظنّ بالوجود او بالعدم بصيرورة القطع ظنا او بالعكس على حسب اختلاف الصّور ح فما افاده من دوران الامر بين القطع بحجّية المانع الذى هو عين القطع بحجّية الممنوع و بين حجّية الممنوع المستلزم للقطع بعدم حجّية المانع و ترجيح الاوّل على الثانى كلام لا يناسب المقام بل انّما يلائم القاعدة اللفظية التى يتّفق الدّوران بين مواردها بحسب التخصيص و التخصّص و انّما اللّائق بالمبحث استقلال العقل امّا بحجّية خصوص المانع او حجّية خصوص الممنوع فالتحقيق فى الجواب ان الحجة بدليل الانسداد كل ظن قطع بحجيّته حال الانسداد فبخروج كل ظن يحتمل و لو على سبيل الوهم عدم حجيته فى هذا الحال نعم لو لم يكف الظنون الّتى كذلك بمعظم الفقه يجب التعدى الى المشكوك الحجّية و ان لم يكف ايضا فالى الموهوم الحجّية ضرورة انه بعد التعدّى يقطع العقل بحجّية المظنون الحجّية ح دون المشكوك و الموهوم و كذا المشكوك دون الموهوم بداهة انه اذا جاز المنع عن بعض الظنون و تطرق احتمال عدم حجّية فى هذا الحال و لا شك ان همّ العقل بتحصيل الامن من العقوبة كان فى الاكتفاء به احتمال العقاب على تقدير مخالفته للواقع بخلاف ما لا يحتمل المنع عنه و لا معنى لعدم الحجّية الا ذلك و انما يكتفى به فى صورة عدم كفاية غيره لحصول الامن من العقاب ح به دون ما ظن عدم حجيّته و بالجملة هذا كلّه من نتائج كبرى اسلفناها و هى ان اهتمام العقل انّما هو فى جميع المراتب بحصول الامن من العقاب و القطع بعدمه و هو يختلف باختلاف الوارد نعم لو احتمل عدم حجيته مع عدم كفاية ما لا يظن بعدم حجّية فى هذا الحال كان كما لا يظنّ اصلا فى تخيير المكلّف بين العمل به و بين العمل بالاصل الجارى لكن لا يبعد ترجيح العمل به فتامّل‌

تذنيب‌

قد عرفت غير مرّة ان العقل يحكم بحجّية اقوى الظنون دون الاضعف فى مقام دوران الامر بينهما