نام کتاب : تعريب سيد المرسلين نویسنده : جعفر الهادي جلد : 2 صفحه : 227
(1)
مواقف خالدة في هذه الغزوة:
يروي المؤرخون و المفسرون المسلمون كابن هشام [1] و أمين الاسلام الطبرسي [2] قصصا عجيبة، و حوادث مثيرة للاعجاب وقعت في هذه الغزوة تكشف عن عمق مروءة النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) مع أعدائه، و قد نقلنا نظير هذا في غزوة ذي أمر، من هنا نحجم عن ذكر ذلك في هذه الدراسة رعاية للاختصار، و لكن نلفت نظر القارئ الكريم إلى القصة التالية التي تكشف عن صمود المسلمين و اخلاصهم لدينهم.
(2)
الحرّاس الصامدون:
مع أن جيش الاسلام قد عاد الى المدينة من هذه الغزوة من دون قتال و لكنّه أصاب مع ذلك بعض الغنائم، و استراح في شعب في أثناء الطريق، و بات ليلته هناك، ثم كلّف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) رجلين بحراسة الجيش ليلا يدعيان: «عباد» و «عمار»، فقسم الرجلان الليل بينهما، فنام أحدهما و سهر الآخر يحرس الجيش، و كان الذي سهر أول الليل هو «عباد».
ثم إن رجلا من العدوّ خرج في أثر المسلمين، و كان يقصد أن يريق دما أو يصيب شيئا و يعود الى محله.
و قام «عباد» يصلّي، و أقبل ذلك الرجل يطلب غرّة فلما رأى «عباد» سواده من قريب قال ذلك الرجل في نفسه: نعلم اللّه أنّ هذا لطليعة القوم، و حرسهم ففوّق له سهما و رماه به فأصاب عبادا و لكن عبّادا نزع السهم و وضعه، و ثبت قائما يصلّي فرماه العدوّ بسهم آخر، فأصابه فانتزعه و ثبت قائما فرماه بثالث فنزعه، فلما غلب عليه الدم ركع و سجد، ثم قال لصاحبه: اجلس فقد اصبت، فجلس عمّار، فلمّا رأى الاعرابي أن عمارا قد قام علم أنهما قد علما