نام کتاب : تعريب سيد المرسلين نویسنده : جعفر الهادي جلد : 1 صفحه : 562
عساه أن يقوم به تجاه ما اسداه إليه عمّه و حاميه و كافله الاكبر و الأوحد أبو طالب من خدمات طوال اكثر من اربعين عاما. أنه يجب ان يكون لمثل هذا الشخص العظيم الذي كفل صاحب الرسالة و قام بشئونه مدّة أربعين عاما بايامها و لياليها و دافع عنه في السنوات العشر الاخيرة و هي جلّ عمر الرسالة الاسلامية في الفترة المكية إلى درجة ان عرّض راحته و سلامته بل حياته و حياة أبنائه لخطر الموت دفاعا عن حياض الرسالة، و حماية لصرح النبوة، مقاما عظيما و منزلة كبرى عند قائد البشرية، و معلم الانسانية، و هاديها العظيم.
كيف لا؛ و الفرق بين هذين الشخصين كبير، و البون شاسع، فمطعم رجل وثني مشرك، بينما يعتبر أبو طالب واحدا من كبار الشخصيات الاسلامية العظيمة بلا جدال.
(1)
الدعوة في أسواق العرب:
كانت العرب تجتمع- في مواسم الحج- في نقاط مختلفة مثل: «عكاظ» و «المجنة» و «ذي المجاز»، و كان الشعراء و الخطباء العرب البارعون يقفون في هذه المناطق على أماكن مرتفعة و يلهون فريقا من الناس بما يلقونه عليهم من خطب و قصائد تدور في الأغلب حول الحرب و القتال، و التفاخر، و العشق.
و كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) شأن كل الأنبياء و المرسلين الذين سبقوه يستغلّ هذه الفرصة- كغيرها- لا بلاغ رسالة ربه الى الناس، و لم يكن لاحد منعه او الكيد به لحرمة القتال و الجدال في الاشهر الحرم.
من هنا كان (صلّى اللّه عليه و آله) اذا حلّ الموسم وقف على مكان مرتفع و خاطب الناس قائلا:
«قولوا لا إله إلّا اللّه تفلحوا و تملكوا بها العرب و تذلّ لكم العجم، و إذا آمنتم كنتم ملوكا في الجنّة» [1].