نام کتاب : تعريب سيد المرسلين نویسنده : جعفر الهادي جلد : 1 صفحه : 56
(1)
عقيدة العرب حول حالة الإنسان بعد الموت:
و عن مصير الإنسان و حالته ما بعد الموت هذه المشكلة الفلسفية العويصة كانت رؤية العرب و نظرتهم تتلخص في ما يلي:
عند ما يموت الانسان تخرج روحه من جسده على هيئة طائر شبيه بالبوم يسمى عندهم ب «الهامّة و الصدى» ثم يبقى هذا الطائر قريبا من جسد الميت ينوح نوحا مقرحا و موحشا، و عند ما يوارى الميت يبقى هذا الطائر مقيما عند قبره إلى الابد!
و ربما وقف على جدار منزل الميت أحيانا لتسقّط أخبار عائلته و الاطلاع على أحوالهم!!
قال شاعرهم في ذلك:
سلّط الموت و المنون عليهم--فلهم في صدى المقابر هام
و إذا كان المرء قد مات بموتة غير طبيعية كما لو قتل- مثلا- فإن ذلك الحيوان ينادي باستمرار: «اسقوني ... اسقوني» اي اسقوني بسفك دم القاتل و اراقته؛ و لا يسكن عن هذا النواح و النداء الخاص الا بعد الانتقام و الثأر من قاتله.
قال احدهم في ذلك:
فيا ربّ إن أهلك و لم تروها متى--بليلي امت لا قبر أعطش من قبري [1]
(2) من هنا بالضبط تتجلى الحقيقة للقارئ و يعلم جيدا كيف أن تاريخ العرب ما قبل الإسلام و تاريخهم ما بعد الإسلام ما هو الّا تاريخان على طرفي نقيض:
فذلك تاريخ جاهلية، و وثنية و إجرام، و هذا تاريخ علم و وحدانية و انسانية و ايمان، و شتان ما بين وأد البنات، و بين رعاية الايتام، و بين السلب و النهب و الاغارة و بين المواساة و الايثار، و بين عبادة الاوثان و الاصنام الصماء العمياء