(1) لقد كانت سفرة النبي (صلّى اللّه عليه و آله) هذه التي قام بها بصحبة عمّه و كافله «ابي طالب» في الثانية عشرة من عمره، من اجمل و أطرف أسفاره (صلّى اللّه عليه و آله) و سلّم لأنه (صلّى اللّه عليه و آله) عبر فيها على: «مدين» و «وادي القرى» و «ديار ثمود» و اطّلع على مشاهد الشام الطبيعية الجميلة.
و لم تكن قافلة قريش التجارية قد وصلت إلى مقصدها حتى حدثت في منطقة تدعى «بصرى» قضية غيرت برنامج «ابي طالب» و تسببت في عدوله عن المضي به في تلك الرحلة و القفول الى مكة.
(2) و إليك فيما يلي مجمل هذه القضية:
كان يسكن في «بصرى» من نواحي الشام راهب مسيحي يدعى «بحيرا» يتعبّد في صومعته، يحترمه النصارى في تلك الديار.
و كانت القوافل التجارية إذا مرت على صومعته توقفت عندها بعض الوقت و تبركت بالحضور عنده.
و قد اتفق أن التقى هذا الراهب قافلة قريش التي كان فيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فلفت نظره شخصية «محمّد»، و راح يحدق في ملامحه، و كانت نظراته هذه تحمل سرا عميقا ينطوي عليه قلبه منذ زمن بعيد و بعد دقائق من
[1] و يذكر «أبو طالب» في ابيات له قصّة هذه السفرة و ما جرى فيها من البدء إلى الختام نقتطف منها بعض الأبيات:
إنّ ابن آمنة النبي محمّدا--عندي يفوق منازل الأولاد
لما تعلّق بالزمام رحمته--و العيس قد قلّصن بالازواد
فارفضّ من عينيّ دمع ذارف--مثل الجمان مفرّق الأفراد
راعيت فيه قرابة موصولة--و حفظت فيه وصية الأجداد
و أمرته بالسير بين عمومة--بيض الوجوه مصالت أنجاد
حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا--لاقوا على شرك من المرصاد
حبرا فاخبرهم حديثا صادقا--عنه و ردّ معاشر الحسّاد
(تاريخ ابن عساكر: ج 1 ص 269- 272 و ديوان ابى طالب: ص 33- 35).
نام کتاب : تعريب سيد المرسلين نویسنده : جعفر الهادي جلد : 1 صفحه : 231