نام کتاب : تعريب سيد المرسلين نویسنده : جعفر الهادي جلد : 1 صفحه : 206
يعنى ان يحجوا في ذي الحجة عامين و في المحرم عامين و في صفر عامين و هكذا.
و هذا يعني أن الحج يعود كل اربعة و عشرين سنة في موضعه الطبيعي (اي شهر ذي الحجة).
(1) و قد جرى العرب المشركون على هذه الطريقة حتى صادفت أيام الحج شهر ذي الحجة في السنة العاشرة من الهجرة النبوية فحج النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) في تلك السنة حجة الوداع، فنهى في خطبة له عن هذه الفعلة (التي تسمى بالنسيء بمعنى تأخير الحج عن موضعه و موعده) فقال: «ألا و إنّ الزّمان قد استدار كهيئته يوم خلق السّماوات و الأرض السّنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم: ثلاث متواليات: ذو القعدة و ذو الحجة، و محرّم، و رجب الذي بين جمادي و شعبان» [1].
و قد أراد (صلّى اللّه عليه و آله) و سلّم بذلك أن الأشهر الحرم رجعت الى مواضعها، و عاد الحج الى ذي الحجة و بطل النسيء.
و نزل في هذه المناسبة قول اللّه تعالى: «إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَ يُحَرِّمُونَهُ عاماً»[2].
(2) من هنا تنتقل أيام التشريق كل سنتين من مواضعها، على ما عرفت، و حينئذ لا منافاة بين القول بأن نور النبيّ انتقل إلى رحم أمه «آمنة بنت وهب» في أيام التشريق، و بين ما اجمع عليه عامة المؤرخين من أنه ولد في شهر ربيع الأول. و انما تكون المنافاة بين هذين الأمرين إذا كان المراد من أيام التشريق هو اليوم الحادي عشر، و الثاني عشر، و الثالث عشر من شهر ذي الحجة خاصة، و لكن قلنا أن ايام التشريق كانت تنتقل من شهر الى آخر باستمرار، فيلزم أن يكون عام حمل امّه به، و عام ولادته أيام الحج الواقعة في شهر جمادي الاولى، و حيث أنه (صلّى اللّه عليه و آله) ولد في شهر ربيع الأول فتكون مدة حمل «آمنة» به عشرة أشهر تقريبا.